responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 528
ملامة على الناسي، فأما من أفطر في يوم الغيم فتتوجه إليه الملامة وينسب إلى التفريط بقلة الصبر وترك التثبت فإنه التزم الصوم بيقين النهار فلا يجوز أن يخرج عنه إلا بيقين الليل فليته خلص من الكفارة لتقريره بالعبادة فضلاً عن أن يسقط عنه القضاء [1] فإن قيل: قلتم إن الملامة لا تتوجه على الناس والعقلاء المتشرعون يوجهون عليه الملامة فيقولون لم نسيت ولا تنس وقد قال الله تعالى لرسوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى [6] إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [2] قلنا: أما قول الله تعالى {فَلَا تَنْسَى} فليس بنهي، إنما هو خبر عن أنه لا ينسى ما يُوحى إِليه بعد إلقائه عليه إلا ما شاء الله أن ينساه فيكون نسخاً له ورفعاً لحكمه [3]، وأما توجه الملامة فصحيح لكن النسيان على ضربين: نسيان لا يمكن الانفكاك عنه هو جبلة البشرية وسجية الآدمية فهذا ليس فيه ملامة بحال.

الثاني:
نسيان اقتضاه الإكباب عني الشهوات والتشبث بالمشغلات فهذا يقال له لا تنس، ويكون مورد نهيه حذف الفضول التي جلبت إليه الغفلات وعرضته للنسيان [4]، وقد نسي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، صلاة العصر يوم الخندق حتى غربت الشمس [5]، ولكن للشغل بعبادة عظيمة ونازلة في الدين كبيرة وهي حماية البيضة ومدافعة العدو والاحتراز من غفلة يجد العدوّ بها نهزة [6]، ولم يتركها كما زعم بعض الناس متعمداً [7] لأنه لو ذكرها لصلاّها صلاة الخائف حسب الإمكان كما فعل قبل يوم الخندق وبعده.

[1] هذه مسألة اختلف فيها الأئمة والجمهور على أن عليه القضاء، قال الحافظ ذهب الجمهور إلى إيجاب القضاء عليه .. وجاء ترك القضاء عن مجاهد والحسن , وبه قال إسحاق وأحمد في رواية واختاره ابن خزيمة.
فتح الباري 4/ 200.
[2] سورة الأعلى آية 6 و 7.
[3] انظر تفسير الآية في أحكام القرآن للشارح 4/ 1919، ومختصر تفسير ابن كثير 3/ 630، تفسير زاد المسير 9/ 89، تفسير أبي السعود 5/ 518.
[4] قال الشارح في الأحكام: النسيان هو الترك لغة، والترك على قسمين: ترك بقصد وترك بغير قصد، والتكليف إنما يتعلق بما يرتبط بالقصد من الترك: أحكام القرآن 4/ 1919.
[5] متفق عليه. البخاري في تفسير سورة البقرة باب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى 6/ 37، ومسلم في كتاب المساجد باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر 1/ 436، وأبو داود 1/ 287، والترمذي 5/ 217، وابن ماجه 1/ 224، والبغوي 2/ 234 كلهم من حديث علي.
[6] النهزة بالضم الفرصة وانتهزها اغتنمها. ترتيب القاموس 4/ 450، صحاح الجوهري 3/ 900.
[7] أشار الحافظ ابن كثير في السيرة 3/ 227 إلى أن البخاري فهم ذلك من حديث ابن عمر (لاَيصلَّيَن أحدٌ =
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 528
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست