اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 319
الليل، ولأنها وسط في العدد، ولأنها وتر والوتر أفضل من الشفع (الله وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ) [1] ولأنها جمعت أحوال الصلوات كلها حتى الجهر في القراءة والسر.
وأما العتمة فإنها وسطى في الفضل بما تقدم من فضائِلها، ولأن الصحيفة بها تختم [2] كما تفتح بالصبح ولأنها مصونة بالنهي عن الحديث بعدها.
وأما الجمعة فإنها وسطى في الفضل لكثرة شروطها [3]، وكثرة شروط الشيء دليل على فضله، ولأنها مخصوصة بهذه الأمة. هذا منتهى الإشارة إلى جماع الفضائِل فمن نظر إلى تعارض هذه الأدلة قال كلها وسطى. ومنهم من قال كما قلنا هي مخبوة [4] للحفاظ على الكل وإذا أردت أن تقف على الصحيح في ذلك بسلوك مدرجة النظر إليه إعلم أن حديث عائشة في الموطّأ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ الْعَصْرِ) [5] الحديث لا حجة فيه لاتفاق الأمة على أن القراءة الشاذة لا توجب علمًا ولا عملًا [6].
= الحافظ: نقله ابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس. فتح الباري 8/ 196. [1] متفق عليه. البخاري في الدعوات باب لله مائة اسم غير واحد 8/ 74، ومسلم في كتاب الذكر باب في أسماء الله تعالى وفضل إحصائها 4/ 2062 - 2063 كلاهما عن أبي هُرَيْرَة قال: لله تَسْعَةُ وَتِسْعونَ اسْمًا مائَةٌ إلا وَاحِدًا لاَ يَحْفظُهَا أحدٌ إِلَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ" لفظ البخاري. [2] قال البغوي: لم ينقل عن أحد من السلف أنها صلاة العشاء، وذكره بعض المتأخرين لأنها بين صلاتين لا تقصران. شرح السنة 2/ 237. وقال الحافظ نقله ابن التين والقرطبي واحتج له بأنها بين صلاتين لا تقصران ولأنها تقع عند النوم فلذلك أمر بالمحافظة عليها واختاره الواحدي. فتح الباري 8/ 197. [3] ذكره ابن حبيب من المالكية واحتج بما اختصت به من الاجتماع والخطبة وصححه القاضي حسين في صلاة الخوف من تعليقه ورجحه أبو شامة. فتح الباري 8/ 197. [4] قاله الربيع خثيم وسعيد بن جبير وشريح القاضي وهو اختيار إمام الحرمين من الشافعية، ذكره في النهاية، كما أخفيت ليلة القدر. فتح الباري 8/ 197 ونقل هذا القول البغوي في شرح السنة 2/ 237 دون أن يعزوه لأحد. [5] رواه مالك في الموطّأ 1/ 138، ومسلم في كتاب المساجد باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر 1/ 437 - 438، وأبو داود 1/ 112، والترمذي 5/ 217، وقال حسن صحيح، والنسائي 1/ 236، والبغوي في شرح السنة 2/ 232 - 233 وصححه وعبد الرزاق في المصنف 1/ 578. [6] قال السيوطي في الإِتقان: اختلف في العمل بالقراعه الشاذة؛ فنقل إمام الحرمين في البرهان عن ظاهر مذهب الشافعي أنه لا يجوز، وتبعه أبو نصر القشيري، وجزم به ابن الحاجب لأنه نقله على أنه قرآن ولم يثبت.
الإِتقان 1/ 82.
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 319