responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 177
وَطَهُوراً" [1]، وهي خصيصه امتنَّ الله تعالى على هذه الأمة بها، وكرامة ميَّزها بها على غيرها، وفيها حكمتان:
إحداهما: أن طهارتهم الأصلية كانت بالماء فنقل الله تعالى منها عند عدمها إلى التراب الذي هو أصل الخلقة لتكون العبادة دائرة بين قوام الحياة وأصل الخلقة.
الثانية: أن النفس خلقها الله تعالى على جبلة وهي أنها كلما نزلت عنه وأعرضت كسلت عنه ونفرت، وكلما تمرَّنت عليه واعتادت أنست به واستمرَّت عليه، فلو لم يوظف [2] عليها عند عدم الماء حركة في الأعضاء وإقبال على الطهور لكانت عند وجود الماء تبعد عنها العادة فتشق عليها العبادة، فشرع الله تعالى لها ذلك دائماً حتى يكون إنسها بها قائماً، فالخير عادة والشر لجاجة، إذا ثبت أنه قائِم مقام الماء فإنه عامل عمله في إباحة الصلاة ورفع الحدث، فإن الحدث ليس بمعنى حسّي وإنما هو عبارة عن المنع من الصلاة، وإذا تيمم وصلَّى فقد زال المانع وارتفع الحدث، وهذا هو مذهب مالك، رضي الله عنه، الذي لا خلاف فيه، وقد قال بلفظه، في كتابه الذي هو نخبة كلامه ولباب عمله (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْمُتَيَمِّمُ لأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ قَدْ أَطاعَ الله تَعَالَى وَلَيْسَ الَّذِي وَجَدَ الْمَاءَ بأَطْهَر مِنْهُ وَلَا أَتَمّ صَلَاةٍ) [3] ..
وهذا نص، فإن قيل قد قيل يصلي فرضين بتيمم واحد قلنا: في ذلك تفصيل مذهبي وبالجملة فيجب أن تعلموا أن الله تعالى مدّ طهارة الماء إلى غاية وهي وجود الحدث، ومد طهارة التيمم إلى غاية وهي وجود الماء، فإذا وجد الماء ارتفع حكم التيمم كما إذا وجد الحدث ارتفع حكم الماء، والذي نقول: إن عليه أن يطلب الماء لكل صلاة فإن وجده استعمله وصلَّى به، وإن لم يجده بقي على حكم التيمم الأول. سمعت الإِمام الشيخ أبا الحسن [4] السلمي من أصحابنا ........................

[1] الحديث متفق عليه البخاري من حديث جابر بن عبد الله أخرجه في كتاب التيمم 1/ 91 ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/ 370. ولفظه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "أُعْطيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحدٌ قبْلِي نُصِرْتُ بِالرعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِداً وطَهُوراً".
[2] كذا في م وط. وفي ك يوجب وهي الصواب.
[3] الموطأ 1/ 55.
[4] هو علي بن المسلم بن محمَّد بن علي بن الفتح، أبو الحسن السلمي، الفقيه الفرضي، أحد مشايخ الإِسلام. روى عن جماعة منهم الفقيه نصر المقدسي. روى عنه ابن عساكر وابنه القاسم والسلفي. لزم=
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست