responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1095
القدرية وليس في هذا كله تعلق بالباب الذي أراده مالك رضي الله عنه إلَّا على وجهٍ بعيدٍ ما عدا ما شرحناه فيه، وإن رويته بفتح الياء وإسكان العين وفتح الجيم وهو يرجعُ إلى معنى يعجل بإظهار الفاعل فإنه عام ويرجع إلى نسبة العجلة إلى الشيء الكائن على المجاز ويكون معناه الحمد لله الذي لا يكون شيء قبل وقته الذي علمه فيه وأخّره إليه لا يتعجله هو ولا بتعجيل شيء سواه ويكون في هذا رد على القدرية، لكن لا على طريق التصريح بل على طريق الاحتمال أو العموم على أحد المذهبين.

ما جاء في حُسن الخلق
الخَلق والخُلق عبارتان عن جملة الإنسان، أما الخَلق فعبارة عن صفته الظاهرة، وأما الخُلق فعبارة عن صفتِه الباطنة وقد يعبر عن الباطن بلفظ الظاهر، ولا يعبّر بلفظ الباطن عن الظاهر وفي ذلك كلام بديع قد بيناه في المشكلين والإشارة بالخُلق إلى الإيمان، والكفر، والعلم، والجهل، واللين، والشدة والمسامحة، والاستقصاء والبخل والسخاء وما أشبه ذلك من الصفات والأسماء وأسبابها في المحمود والمذموم يدور على عشرين خصلةً، وقد أتقن مالك رضي الله عنه هذا الباب فإنه أشار فيه إلى نبذٍ في كلا طرفي النقيض بعد أن ذكر الجملة أولاً فقال (حسِّن خلقك للناس) [1] وذكر عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما خُير قط في أمرين إلَّا اختار [2] أيسرهما" إشارة إلى خلق الرفق ثم قالت "وما انتقم لنفسه" إشارة إلى خلق المسامحة والعفو، ثم أدخل حديث علي رضي الله عنه "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" [3] إشارة إلى ترك الفضول لأن المرء

[1] هذا آخر البلاغات الأربع التي قال فيها ابن عبد البر إنها لا توجد مسندة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه عن مالك أن معاذ بن جبل قال: آخر ما أوصاني به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وضعت رجلي في الغرز أن قال (حسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل) الموطأ 2/ 902.
قال ابن عبد البر هكذا روى يحيى هذا الحديث وتابعه ابن القاسم والقعنبي ورواه ابن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن جبل وهو مع هذا منقطع جدًا ولا يوجد مسنداً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث معاذ ولا غيره بهذا اللفظ والله أعلم ولكن معناه صحيح. التقصي ص (249).
[2] الموطأ 2/ 903 والبخاري في كتاب المناقب باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -4/ 230 ومسلم في كتاب الفضائل باب مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام (2327) من حديث عائشة.
[3] الموطأ 2/ 903 مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه). =
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1095
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست