responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1093
وفي قول آدم أتلومني على أمرٍ قد قدّر عليّ ليس ما سبقَ من القضاءِ والقدر يرفع الملامة عن البشر، لكن معنى قوله ذلك: أتلومني على أمرٍ قدّر عليّ وتبتُ منه والعاصي التائب لا يلام. حديث: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله خلق آدم فمسح ظهره بيمينهِ) [1]. حديث عظيم في القضاء والقدرِ يشهد له القرآن، وكأنه تفسير للآية المذكورة، فيهِ عبَّر بالمسح عن تعلق القدرة بظهر [2] آدم وكل معنى يتعلق به قدرة الخالق يعبر عنها بفعل المخلوقِ ما لم تكن دناءةً، وقد أخبرَ الله تعالى في هذا الحديث على لسان رسوله بقوله عن حكمه وحكمتِه في تفريق الخلق فريقين ويسَّر الله ذلك الرجل المعترض للنبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله ففيم العمل؟ ليبين - صلى الله عليه وسلم - تمام المسألة، ويبرز وجه الحكمة بأن تيسير البارىء تعالى للرجل عمل أهل الجنة دليل على أنه من أهلها الذين خلقهم لها، وتيسير الرجل لعملِ أهل النار دليل على أنه خلقه لها، والإشارة بهذا التيسير المقتضى لما بيناه من الدليل إلى العمل الذي يكون عند الخاتمة لا إلى العمل المسترسل على الأزمنةِ وقد بيَّن ذلك - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إن الرجلَ ليعملَ بعملِ أهل الجنةِ) [3]. الحديث إلى آخره. حديث: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها) [4] هذا الذي نبّه عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث أبينَ

[1] مالك عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه أخبره عن مسلم ابن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]، قال عمر بن الخطاب سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عنها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ..) الموطأ 2/ 899 وأبو داود (4703) والترمذي رقم (3075) وقال حديث حسن.
ونقل القرطبي عن ابن عبد البر أن هذا الحديث منقطع الإسناد لأن مسلم بن يسار لم يلق عمر وقال يحيى بن معين مسلم بن يسار لا يعرف بينه وبين عمر نعيم بن ربيعة ذكره النسائي ونعيم غير معروف بحمل العلم لكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه ثابتة كثيرة من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين وغيرهم. القرطبي 7/ 315 وكذا قال البغوي في شرح السنة 1/ 139.
[2] قلت لا نذهب إلى ما ذهب إليه الشارح في هذه الصفة من التأويل بل هي صفة نؤمن بها على مراد الله تعالى فلا تؤل أي صفة من صفاته تعالى كما ورد عن السلف.
[3] لعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في كتاب القدر حديث (2651) من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة).
[4] الموطأ 2/ 900 والبخاري في كتاب القدر باب وكان أمر الله قدراً مقدورًا 8/ 153 ومسلم في النكاح (1408) =
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 1093
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست