اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 1050
يفتقر الآن إليه ها هنا وجه تسمية مالك [1] رحمه الله فعل آدم شحًا والذي نعتقد أن الشح منع المستحب ووجه تعلق قول مالك بهذا التفسير أن الايثار هو خلعك عما بيدك للغير والشح ضده فهو إذا خلع ما بيد الغير لك فلما خلع آدم الشجرة من قسم المتروك إلى قسم المفعول كان شحاً. قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَنُقَدِّسُ لَكَ} قال ابن القاسم سمعت مالكاً يقول التقديس الصلاة قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه تحقيقه أن التقديس هو التطهير والتنزيه حسب ما بيناه في اسم القدوس وهو من صفات النفي في حق الباري سبحانه والاثبات في حقنا له والتقديس يكون بالقول ويكون بالفعل والفعل أشرف من القول أو مثله أو مقوله وأشرف الأفعال الدينية الصلاة وهي قد جمعت أنواع التقديس من قول وفعل [2] بانتصاب وانحناء وسقوط إلى الأرض ببدنه فهي غاية قدرة الأدمي فلأجل ذلك انتهى مالك في التفسير إليها.
قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} [3] قال ابن القاسم سمعت مالكاً يقول ضربوه بالفخذ وقيل بالذنب [4] قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه وخذوا أخذ الله بكم ذات اليمين قولاً بديعًا وذلك أن مالكاً كثيراً ما يسترسل في الإسرائيليات وقد نقلنا عنه في ذلك أقوالاً متعددة في مسائل مختلفة في أصول الفقه وجه ذلك ولبابه أن كل قول يرد من قبلهم على ألسنة من أسلم من علمائهم يجوز أن يوثر عنهم ما لم يعترض على ما [5] في الشرع وهو المراد بقوله (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) [6] وقد بيناه في شرح الحديث على
قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جُنتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلَّا سبغت أو وفرت على جلده حتى تخفي بنانه وتعفو أثره وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلّا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع) لفظ البخاري. [1] في ص وك زيادة إمامنا. [2] قال القرطبي قوله تعالى: {وَنُقَدِّسُ لَكَ} أي نعظمك ونمجدك ونطهر ذكرك عما لا يليق بك مما نسبك إليه الملحدون قاله مجاهد وأبو صالح وغيرهما وقال الضحاك وغيره المعنى نطهر أنفسنا لك ابتغاء مرضاتك وقال قوم منهم قتادة "نقدس لك" معناه نصلي والتقديس الصلاة. القرطبي 1/ 277. [3] سورة البقرة آية (73). [4] قال القرطبي قيل باللسان لأنه آلة الكلام وقيل بعجب الذنب إذ فيه يركب خلق الإنسان وقيل بالفخذ وقيل بعظم من عظامها والمقطوع به عضو من أعضائها فأما ضرب به حيي وأخبر بقاتله ثم عاد ميتاً كما كان. القرطبي 1/ 457. [5] في ك وج أصل الشرع. [6] أخرجه البخاري في الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل 4/ 207 والترمذي 5/ 40 وشرح السنة 1/ 243 من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار).
اسم الکتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 1050