responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المسالك في شرح موطأ مالك المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 474
قال الإمام الحافظ: وفي هذا دليلٌ على أنّهم مُرَكَّبونَ من ريشٍ وجِسمً، لا كما تقولُ الفلاسفةُ: إنّهم بسائِطُ، وتقول: إنّهم يَكبُرُونَ حتّى يَملأَ أحدُهم الأُفُقَ، ويَصغُرُونَ حتّى يصيرَ أحدُهم كالرَّضِيعِ، ولذلك قال - صلّى الله عليه وسلم - لصاحبه: "كُل مِنَ القِدرِ الّذي فيه الخَضِرَات، فإنِّي أُنَاجِي مَنْ لاَ تُنَاجِي" [1] إشارة إلى أنّ المَلَكَ يأتيه من غير وَعدٍ، فربّما وَجَدَهُ على تلك الحالِ.
وفي بعضِ الآثارِ المُرْسَلَةِ: "إنَّ الرَّجُلَ يَكذِبُ الكَذبَةَ فيتباعَدُ عنه المَلَكُ من نَتنِ رائِحَتِه" [2] وذلك كثيرٌ في الشّريعةِ.
العلَّةُ الثانيةُ - قولُه: "فَلاَ يَقرَب مَسَاجِدَنَا" و"مَسَجِدَنَا" فذَكَرَ الصِّفةَ في الحُكمِ وهي المسجديّةُ، وذِكرُ الصِّفةِ في الحُكمِ تعليلٌ؛ لأنّ الأسماءَ الّتي عُلِّقَت عليها الأحكامُ على قسمين: أحدُهما: مشتقّةٌ، والأخرى جامدةٌ. فإذا علّقَ الحُكمَ على اسم مشتقٌّ، أفادَ الحُكمَ والعلّةَ، كقوله: أَكرِمِ العالِمَ، معناه: لِعِلمِهِ. وإذا كان الاسمُ جامدًا لم يُفِدْ إلَّا ما تفيدُهُ الإشارةُ، وهو بيان المَحَلِّ، كقولك: أَكرِم زيدًا، وعلى القسمِ الأوّلِ جاءَ قولُه [3].
وتنبني فيه مسألةٌ من الأصولِ، وهو تعلَّق الحُكم الشّرعي بعِلَلٍ كثيرةٍ، كالامتناعِ من. وطْءِ الحائضِ المُحْرِمَةِ الصّائمةِ، بخلافِ العِلَلِ العقليّةِ؛ لأنّ الحُكمَ لا يتعلَّقُ منها إلَّا بواحدةٍ.

[1] سبق تخريجه من حديث جابر.
[2] أخرجه بنحوه الترمذي (1972) عن ابن عمر مرفوعًا، بلفظ: "إذا كَذَبَ العبدُ تباعَدَ عنه المَلَكُ مِيلًا من نتْنِ ما جاء به" قال الترمذي: "هذا حديث حسنٌ غريب" كما أخرجه الطبراني في الأوسط (7398)، والصغير (853)، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال: 18/ 46، وأخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية: 8/ 197، وذكره ابن حبان في المجروحين: 2/ 137، وابن الجوزي في العلل المتناهية: 2/ 774 وقال: " هذا حديث لا يصحّ".
[3] تتمّة الكلام كما في القبس: " ... سَهَا فَسَجَد، وزَنَا فَرُجِمَ، وقَتَلَ فقُتِلَ".
اسم الکتاب : المسالك في شرح موطأ مالك المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 474
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست