responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المسالك في شرح موطأ مالك المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 128
وفي هذا الموضوع يقول شيخنا عبد الفتاح أبو غدة [1]: "تأليف الحديث وجمعه في كتاب على الأبواب الفقهية، لا ينهض به إلَّا فقيه يَدْرِي معاني الأحاديث، ويفقهُ مداركها ومقاصدها، ويُمَيِّز بين لفظ ولفظ فيها، وهذا النّمَط من العلماء المحدِّثين الفقهاء يُعَدُّ نَزْرًا يسيرَا بالنّظر إلى كثرة المحدِّثين الرُّواة والحفّاظ الأثبات، إذ الحفظ شيءٌ؛ والفقه شيءٌ آخر أميز منه وأشرف، وأهم وأنفع، فإنّ الفقه دِقَّةُ الفهم للنّصوص من الكتاب والسُّنَّة - عبارةً وإشارة، صراحةً أو كناية - وتنزيلُها منازلَهَا في مراتب الأحكام، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، ولا تَهَوُّرَ ولا جمود.
وهذه الأوصاف عزيزةُ الوجود في العلماء قديمًا، فضلًا عن شِدَّة عزّتها في الخَلَفِ المتأخِّر، ويخطئ خطأ مكعبًا من يظنّ أو يزعم أنّ مجرّد حفظ الحديث أو اقتناء كتبه والوقوف عليه، يجعلُ من فاعل ذلك عارفًا بالأحكام الشرعية ودقيق الاستنباط ... فلا شكّ في يُسْرِ الرِّواية بالنّظر لمن توجُّه للحِفْظ والتَّحَمُّل والأداء، وآتاه الله حافظةَ واعيةً، فلهذا كان المتأهِّلون للرِّواية أكثر من المتأهِّلين للفقه والاجتهاد، روى الحافظ الرَّامَهُرْمُزِي في كتابه " المحدِّث الفاصل بين الراوي والواعي" [2] بسنده عن ابن سِيرِين، قال: "أتيتُ الكُوفة، فرأيتُ فيها أربعةَ آلافٍ يطلبون الحديث، وأربعَ مدّة قد فَقهُوا".

[1] في مقدمته للتعليق الممجَّد على موطّأ محمّد لعبد الحي اللكنوي: 1/ 14، 19 (ط. دار القلم، دمشق 1412هـ، باعتناء تقي الدين النَّدْوي).
[2] صفحة: 560.
اسم الکتاب : المسالك في شرح موطأ مالك المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست