وحمله بعض شيوخنا على أنه ولو كانت جماعة في السوق لكانت كَالفذ في غير السوق، وعلى هذا يكون في ذكر السوق زيادة فائدة على ذكر الصلاة في البيت، ويصح أن تكون الصلاة في السوق أخفض منزلة [133] لأن ما فى بعض الأحاديث أنها مواضع الشياطين. وقد ترك - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في الوادي الذي ناموا فيه وقال: "إن به شيطانا". وقد يؤخذ من هذا الحديث الرد على داود في قوله: إن من صَلَّى فَذًّا وترك الجماعة أنها لا تجزئه تلك الصلاة لأن النبيء - صلى الله عليه وسلم -[قال في بعض] [134] هذه الأحاديث: "أفضل من صلاة أحدكم وحده" فأتى بلفظ المبالغة والتفضيل بين صلاة الجماعة والفذ وأثبت فيها فضلا. ولو لم تكن مجزئة لم تكن جزءاً من الفرض الكامل، ولا يتوجه له هاهنا أن يقول: فإن لفظة أفعل [135] قد ترد لإِثبات صفة في إحدى الجهتين ونفيها عن الأخرى. ولعل صلاة الفذ كذلك لا فضل فيها لأن ذلك إنما يَرِدُ فيما أتى مطلقاً كقوله تعالى: {أحْسَنُ الخَالِقِينَ} [136]، وشبه ذلك وهو هاهنا قد خصّ ذلك بعدد فجعلها جزءاً من الفرض الكامل الفضل. وحقيقة التجزية أن يكون في الجزء جزء من الفضل الذي في الكل.
267 - ويحتج داود على أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان بالحديث الذي ذكر فيه "تَحْرِيقَ بُيُوت قَوْم تَأخَّرُوا عَنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ" (ص 451).
ومحملهم [137] عندنا على أنهم منافقون لأنه قال - صلى الله عليه وسلم - "لو يعلم [133] في (ب) "رتبة". [134] مكان [و] خرم في (أ). [135] في (ج) "ولا يتوجه هاهنا أن تقول أنَّ لفظة أفعل". [136] (14) المؤمنون. [137] في (ب) "محمله".