فإن حكم الصلوات فيه واحد فهذا القسم لا يراعى للاتفاق عليه. وأما القسمان الآخران فإن رَاعَيْنَا منهما العدد أدى إلى مذهب قبيصة بن ذؤيب في أنها المغرب لأن أكثر أعداد الصلوات أربع ركعات وأقلها اثنتان وأوسطها ثلاث فهي المغرب التي قال.
وإن راعينا الأوسط في الزمان [123] كان الأبين أن الصحيح أحد قولين: إما الصبح أو العصر، فأما الصبح فإننا إذا قلنا: إن ما بين الفجر إلى طلوع الشمس ليس من النهار ولا من الليل كانت هي الوسطى لأن الظهر والعصر من النهار قطعاً والمغرب والعشاء من الليل قطعاً وبقي وقت الصبح مشتركاً فهو وسط بين الوقتين. وعلى القول بأن ذلكِ الزمان فن النهار يكون الأظهر أن الوسطى العصر [124] لأن الصبح والظهر سابقان للعصر والمغرب والعشاء متأخران عن العصر فهي إذًا وسط بينهما.
وقد احتج أصحابنا للقول بأنها الصبحُ للمشقة اللاحقة في إتيانها وأنه زمن يصعب على الإِنسان القيام في من النوم في الشتاء للدثار والصيف من طيب الهواء.
وقال من ذهب إلى أنها العصر: فإنها أيضاً كانت تأتي [125] في وقت أسواقهم واشتغالهم بمعايشهم فكان إتيانها أيضاً يشق عليهم، ووكد أمرها لئلا يشتغل عنها. وقد نبه الباري سبحانه وتعالى عَلَى أن البيع من أعظم ما يشغل عن الصلاة فقال: {وَذَرُوا البَيْعَ} [126].
واحتجوا أيضاً لكونها العصر بالحديث المبتدأ به وهو قوله عليه السلام: [123] في (ج) و (د) "الأزمان". [124] في (ج) "هي العَصْر". [125] في (ج) "تأتي الناس". [126] (9) الجمعة.