اسم الکتاب : النفح الشذي في شرح جامع الترمذي المؤلف : ابن سيد الناس الجزء : 1 صفحة : 197
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= من تعرض لبيان ما أغفله الترمذي وابن الصلاح، مع مخالفتهم للمؤلف فيما قرره من أن الحسن عند قائليه من المتقدمين قسم من الصحيح، وأن الترمذي لم يسبق إلى مراده بالحسن، وأهم من وقفتُ على كلامه في هذا، الحافظ ابن رجب -وهو معاصر للمؤلف ومن شراح الترمذي- ثم الحافظ ابن حجر وهو من شراح الترمذي أيضًا والمشتغلين المحققين في علم مصطح الحديث.
وخلاصة كلامهما: أن العلماء قبل الترمذي منهم من أطلق الحسن على غير المعنى الاصطلاحي له بنوعيه، أعني الحسن لذاته ولغيره عند الترمذي ومَن بعده. ومنهم من اختلف اطلاقه للحسن فلم يتعين مراده به، ومنهم من أطلقه بالمعنى الاصطلاحي للنوعيين، وعن بعض هؤلاء أخذ الترمذي واستمد.
1 - فَمِمَّن أطلق الحسن على غير المعنى الاصطلاحي بنوعيه: ابراهيم النخعي، وشعبة بن الحجاج، ومالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد رضي الله عنهم، وبيان ذلك أن الخطيب البغدادي والرامهرمزي قد رويا بسنديهما عن إبراهيم النخعي قال: كانوا -يعني المحدثين- يكرهون إذا اجتمعوا أن يخرج الرجل أحسن حديثه، أو أحسن ما عنده، قال الخطيب: عَنَى ابراهيم بالأحسن: الغريب؛ لأن الغريب غير المألوف يستحسن أكثر من المشهور المعروف، وأصحاب الحديث يعبرون عن المناكير بهذه العبارة، ولهذا قال شعبة بن الحجاج، لما سئل: ما لَكَ لا تروي عن عبد الملك بن أبي سليمان، وهو حسن الحديث؟، فقال: من حسنها فررت، ويؤيد ذلك ما رواه الرامهرمزي بسنده عن ابراهيم النخعي أيضًا، قال: لا تحدث الناس بأحسن ما عندك فيرفضوك.
ومن ذلك أيضًا ما حكى عن سفيان الثوري أنه كان إذا كان الحديث حسنًا لم يكد يحدث به، ولذلك أورد الخطيب قول إبراهيم النخعي الأول تحت باب "استحباب الرواية عن المشاهير والصدوف عن الغرائب والمناكير"، وبَوَّب الرامَهرمزي على ما تقدم عن ابراهيم وسفيان: باب من كره أن يَرْوي أحسن ما عنده/ انظر الجامع للخطيب 2/ 100، 101 والمحدث الفاصل للرامهرمزي 561 - 564 بتصرف والجرح والتعديل 1/ 146.
اسم الکتاب : النفح الشذي في شرح جامع الترمذي المؤلف : ابن سيد الناس الجزء : 1 صفحة : 197