responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 708
الحلال بين حكمه، واضح أمه، لا يخفى حِلهُ، وذلك كالخبز، والفواكه، والعسل، واللبن، وغير ذلك من المأكولات، والمشروبات، والملابس، وغير ذلك من الكلام، والمعاملات، والتصرفات.
وأن الحرام بين حكمه، واضح تحريمه، من أكل الخنزير، وشرب الخمر، ولبس الحرير والذهب للرجل، والزنا، والغيبة، والنميمة، والحقد، والحسد وغر ذلك.
فهذان القسمان بينا الحكم، لما ورد فيهما من النصوص الواضحة القاطعة، وإن هناك قسما ثالثا مشتبه الحكم، غير واضح الحل أو الحرمة، وهذا الاشتباه راجع إِلى أمور.
منها: تعارض الأدلة، بحيث لا يظهر الجمع لا الترجيح بينها، فهذا مشتبه في حق المجتهد الذي يطلب الأحكام من أدلتها.
فمن انبهم عليه الحكم الراجح، فهو في حقه مشتبه، فالورع اتقاء الشبهة ومنها تعارض أقوال العلماء وتضاربها، وهذا في حق المقلد الذي لا ينظر في الأدلة.
فالورع في حق هذا، اتقاء المشتبه.
ومنها: ما جاء في النهى عنها حديث ضعيف، يوقع الشك في مدلوله.
ومنها: المكروهات جميعها، فهي رقية (أي: سُلَّم يوصل) إلى فعل المحرمات والإقدام عليها.
فإن النفس إذا عصمت عن المكروه، هابت الإقدام عليه ورأته معصية فيكون حاجزا منيعا عن المحرمات.
ومنها: المباح الذي يخشى أن يكون ذريعة إلى المحرم، أو يجر- في بعض الأحول- إلى المحرم، ومثله الإفراط في المباحات فتسبب مجاوزته إلى الحرام، إما عند فقده، أو للإفراط فيما هو فيه.
وقد كان السلف رضي الله عنهم، يتركون المباحات اليسيرة، خوفاً من المكروه والحرام.
ثم ضرب صلى الله عليه وسلم مثلا للمحرمات، بالحمى الذي يتخذه الخلفاء والملوك مرعى لدوابهم.
ومثَّل المُلمَّ بالمشتبهات، بالراعي الذي يسيم ماشيته حول الحمى، فيوشك ويقرب أن ترعى ماشيته فيه، لقربه منه، كذلك الملم في المشتبهات، يوشك أن يقع في المحرمات، وهو تصوير بديع، ومثال قريب.
ثم ذكر صلى الله عليه وسلم أن في الجسد لحمة صغيرة لطيفة، بقدر ما يمضغ، وأن هذه القطعة من اللحم، هي القلب، وأن هذا القلب، هو السلطان المدبر لمملكة الأعضاء وما تأتي من أعمال، كما أن عليه مدار فسادها وما تجره من شر.
فإن صلح هذا القلب، فإنه لن يأمر إلا بما فيه الخير وسيصلح الجسد كله.
وإن فسد، فسيأمر بالفساد والشر، وتكون الأعمال معكوسة منكوسة والله ولى التوفيق.
وبالجملة، فهذا حديث عظيم جليل، وقاعدة من قواعد الإسلام، وأصل من أصول الشريعة، عليه لوائح أنوار النبوة ساطعة، ومشكاة الرسالة مضيئة، فهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم.

اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 708
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست