اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 661
استثبت النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله، فسأله: هل به من جنون؟ قال: لا، وسأل أهله عن عقله، فأثنوا عليه خيرا.
ثم سأله: هل هو محصن أم بكر لا يجب عليه الرجم؟ فأخبره أنه محصن.
وسأله: لعله لم يأت ما يوجب الحد، من لمس أو تقبيل. فصرح بحقيقة الزنا.
فلما استثبت صلى الله عليه وسلم من كل ذلك، وتحقق من وجوب إقامة الحد، أمر أصحابه أن يذهبوا به فيرجموه.
فخرجوا به إلى بقيع الغرقد -وهو مصلى الجنائز- فرجموه.
فلما أحس بحر الحجارة، طلبت النفس البشرية النجاة، ورغبت في الفرار من الموت فهرب.
فأدركوه بالحرة، فأجهزوا عليه حتى مات. رحمه الله، ورضي عنه.
ما يستفاد من الحديث:
1- أن الزنا يثبت بالإقرار كما يثبت بالشهادة، ويأتي: هل يكفي الإقرار مرة، أم لابد من الإقرار أربع مرات كما في هذا الحديث؟.
2- أن المجنون لا يعتبر إقراره، ولا يثبت عليه الحد، لأن اشرط الحد التكليف.
3- أنه يجب على القاضي والمفتي، فالتثبت في الأحكام، والسؤال بالتفضيل عما يجب الاستفسار عنه، مما يغير الحكم في المسألة.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم سأل المقر- هنا- عن عمله، حتى تبين له أنه فعل حقيقة الزنا.
وسأل أهله عن عقله، وأعرض عنه حتى كرر الإقرار، وستثبت منه. قال في فتح الباري: فقد بالغ سلى الله عليه وسلم في الاستثبات غاية المبالغة، وهذا وقع بعد إقراره أربع مرات فهو يؤكد اشتراط العد، لأن هذا الاستثبات العجيب وقع بعده.
4- أن حد المحصن الزاني رجمه بالحجارة حتى يموت، ولا يحفر له عند الرجم.
5- أنه لا يشرط في إقامة الحد، حضور الإمام أو نائبه.
والأولى حضور أحدهما ليؤمن الحيف والتلاعب بحدود الله تعالى.
6- جواز إقامة الحدود في مصلى الجنائز.
وكانوا في الأول، يجعلون للصلاة على الجنائز مصلّى خاصا.
7- أن الحد كفارة للمعصية التي أقيم الحد لها، وهم إجماع.
وقد جاء صريحا في قوله عليه الصلاة والسلام: "من فعل شيئا من ذلك، فعوقب في الدنيا، فهو كفارته".
8- وأن إثم المعاصي يسقط بالتوبة النصوح، وهو إجماع المسلمين أيضاً.
9- إعراض الإمام والحاكم عن المقر على نفسه بالزنا، لعله فعل ما لا يوجب الحد، فظنه موجبا، والحدود تدرأ بالشبهات.
اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 661