اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 656
جاء بهم.
فلما أقدموا على هذه القبائح العظيمة التي هي كما قال أبو قلابة: - السرقة والخيانة، والقتل، والكفر بالله تعالى، ومحاربة الله ورسوله بقطع الطريق، فكان نكالهم عظيما، وتعزيرهم بليغا، فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف،
وفضخت أعينهم بالمسامير المحماة، وألقوا في الحرة يطلبون الماء فلا يسقون، فما زالوا في هذا العذاب حتى ماتوا.
فهكذا جزاء من حارب الله ورسوله، وسعى في الأرض فسادا، وكفراً بأنعم اللَه، ليرتدع من خبثت نيته، فأراد أن يفعل مثل فعله.
ما يستفاد من الحديث:
1- هذا العقاب الذي صبه النبي صلى الله عليه وسلم على هؤلاء المفسدين، عقاب شديد ومثلة.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة، وقد أمر أيضا بإحسان القتل والذبح.
فمن أجل هذا اختلف العلماء في حكم هؤلاء.
فبعضهم يرى أنه منسوخ بالنهي عن المثلة. وهؤلاء محتاجون إلى بيان تاريخ ناسخه، ولا بيان.
وبعضهم قال: هذا الحكم قبل أن تنزل الحدود.
وقال ابن سيرين: وفيه نظر، فإن قصتهم متأخرة.
وبعضهم قال: لم يسمل أعينهم، وإنما هم بها، وفيه نظر أيضا، فقد صح: [أنه سمل] [وأنه سمر أعينهم] .
وأجابوا بغيرِ ذلك، وكلها أجوبة، لا تستقيم لأصحابها.
والذي أرى: أن هذه العقوبة من باب التعزير.
والتعزير: هو التأديب، ومرجعه إلى اجتهاد الإمام ونظره، فقد يكون خفيفا، وقد يكون شديداً، فيؤدب بالعقاب والتأنيب، ويؤدب بالحبس، ويؤدب بما يراه من الجلد، ويؤدب بالقتل، ويؤدب بأخذ المال. وكلها لها سند من السنة الحكيمة.
وهؤلاء الأعراب عملوا أعمالا شنيعة، دلت على فساد قلوبهم وخُبْثِ طَوِيتهم.
فقد ارتدوا عن الإسلام، وجزاء المرتد القتل وقتلوا الراعي القائم بخدمتهم، وسملوا عينيه بغير حق. وسرقوا الإبل التي هي لعامة المسلمين، فهذا غلول وسرقة وخيانة. وحاربوا الله ورسوله، بقطع الطريق، والإفساد في الأرض، وكفروا نعمة الله تعالى- وهي العافية- بعد المرض، والسمن بعد الهزال. فكانوا بهذا مستحقين لعذاب يقابل فعلهم ليردع من لم يدخل الإيمان قلبه من الجفاة.
اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 656