اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 259
بَابُ صَلاَة الكسوف
الكسوف والخسوف، يطلق الأول على ذهاب ضوء الشمس أو بعضه والثاني على ذهاب ضوء القمر أو بعضه في الغالب والفصيح.
وللكسوف والخسوف أسباب عادية حسية، تدرك بعلم حساب سير الشمس والقمر، كما أن لهما أسباباً معنوية خفية، وكل من هذه الأسباب الحسية والمعنوية إلهي.
فعندما تقتضي الحكمة الإلهية تغير شيء من آيات الله الكونية، كالكسوف والخسوف والزلازل، ليوقظ الناس من الغفلة من عبادته، أو يزجرهم عن ارتكاب مناهيه، يقدر الأسباب الحسية العادية لتغيير هذا النظام الكوني، من ذهاب نور أحد النورين. أو ثوران البراكين. وهبوب الرياح أو قصف الصواعق أو غير ذلك من آيات كونه.
ليعلم العباد أن وراء هذه الأكوان العظيمة مدبراً قديراً، بيده كل شيء، وهو محيط بكل شيء.
فهو قادر على أن يعاقبهم بآية من آياته الكونية، أهلك الأمم السابقة بالصواعق والرياح والطوفان والزلازل والخسوْف.
كما أنه قادر على أن يسلبهم نور الشمس والقمر، فيظلوا في أرضهم يعمهون أو يصيبهم بالقحط، فتذوى أشجارهم، وتجف أنهارهم، ولينبههم على أن الكون في قبضته، فيرهبوا جنابه، ويخافوا عقابه.
ولكننا قد أصبحنا في زمن المادة وطغيانها، فصار الناس لا يدركون من تغير هذه الآيات إلا المعاني المادية، ونسوا أو جهلوا، المعاني المعنوية من التحذير من عقاب الله، وتذكير نعمه فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ما خلاصته:
الخسوف والكسوف لهما أوقات مقدرة كما لطلوع الهلال وقت مقدر وذلك ما أجرى الله عليه أمره بالليل والنهار والشتاء والصيف وسائر ما يتبع جريان الشمس والقمر وذلك من آيات الله تعالى {وهو الذي جعل الشمس ضياء وجعل القمر نورا وقدره منازل} وقال: {الشمس والقمر بحسبان} وكما أن العادة التي أجراها الله تعالى أن الهلال لا يستهل إلا ليلة ثلاثين أو إحدى وثلاثين فكذلك أجرى الله العادة أن الشمس لا تكسف إلا وقت الإسرار وأن القمر لا يخسف إلا وقت الإبدار. لكن العلم في العادة في الهلال علم عام يشترك فيه جميع الناس وأما العلم بالعادة بالكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريانها، وليس خبر الحاسب
اسم الکتاب : تيسير العلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : البسام، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 259