responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 476
رؤوسهم، وهم يضجون في البكاء والصياح، فلما رآهم يعقوب على هذه الحالة وقع مغشياً عليه، فلما أفاق قال: مالي لا أرى قرة عيني فيكم؟ قالوا: كما أخبر الله عنهم: ?ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ? [يوسف: 17] قال: لم يبق له عضو من أعضائه تأتوني به أستانس به وأشم ريحه منه فقالوا: هذا قميصه ملطوخ بدمه، فقلبه فلم ير فيه شقاً ولا تمزيقاً وشمه فلم يجد ريحة فيه، فقال: سبحان الله ما كان أشفق وأرفق هذا الذئب حيث أكله فلم يمزق ثوباً ولم يبق له عضواً، وأحس في نفسه أن الذئب لم يأكله، فصار يبكي ويقول: قرة عيني ليت شعري، في أي بئر طرحوك، ليت شعري لأي سبع عرضوك.
قال بعضهم لبعض: ألا ترون أن أبانا يكذبنا ولا يصدق مقالتنا، تعالوا حتى نصطاد ذئباً ونلطخه بالدم ونأتي به إليه ونقول هذا هو الذئب الذي أكله، فلعله أن يسليه ذلك عما هو فيه، قالوا: نعم فاصطادوا ذئباً وأوثقوه وأتوا به إلى يعقوب، فلما مثلوه بين يديه نظر يعقوب إليه وقال لهم: ما هذا؟ فقالوا هذا الذئب الذي يغشي أغنامنا وأكل أخانا وأفجعنا فيه، فقال لهم: أطلقوه فأطلقوه فجعل الذئب يببصبص بذنبه ويدنوا إليه ويعقوب يقول: أدن أدن فجعل يدنوا حتى ألصق خده بخده، فرفع يعقوب إلى السماء رأسه وقال: اللهم إن كنت أجبت لي دعوة، ورحمت لي عبرة، فأنطق لي هذا الذئب بقدرتك، فإنك على كل شيء قدير، فأنطق الله لسان الذئب وقال: السلام عليك يا نبي الله فقال: وعليك السلام أيها الذئب بأي جرم أفجعتني في ولدي، وأورثتني هماً طويلاً فقال الذئب: وحقك ما أكلت لحمه، ولا شربت دمه، ولا نتفت شعره، ومالي بولدك عهد، وإني لذئب غريب أقبلت من ناحية مصر في طلب أخ لي غاب عني منذ سنين، فلا أدري أحي أخي أم ميت فاحتسبته، وإن لحوم الأنبياء محرمة على جميع السباع، فقال يعقوب لبنيه: لقد أتيتم بالحجة على أنفسكم، هذا خرج في طلب أخيه وأنتم ضيعتم أخاكم، ولقد علمت أن الذئب برئ مما نسبتم إليه ?قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ? [يوسف: 18] .
وقال في أنس المحاضرة: خرج بنو يعقوب - عليه السلام - إلى الصحراء فأمسكوا ذئباً فشدوا وثاقه، وأتو به إلى أبيهم يعقوب، فقالوا: يا أبانا هذا الذي أكل أخانا، قال: حلوا ثاقة، وقال له يعقوب - عليه السلام -: أنت أكلت حبيبي يوسف؟ فقال: يا نبي الله ألست تعلم أنه محرم علينا لحوم الأنبياء، قال: صدقت، فمن أين جئت؟ قال من مصر، قال: والي أين تريد؟ قال: إلى خراسان، قال: في ماذا؟ قال في زيارة أخ لي، قال: وما بلغك فيه؟ قال: حدثني أبي عن جدي عن الأنبياء السالفين: أنه من زار أخاه له في الله كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة فقال يعقوب لبنيه: اكتبوا هذا الحديث عن الذئب، فقال: معاذ الله أن أملي عليهم لأنهم كذبوا علي وقالوا ما لم أفعل.
وكذلك للمؤمن ثلاثة أقمصه قميص الخدمة، قوله تعالى: ?يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا

اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 476
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست