اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 366
وفارقت وطني حياء منك وأنت مخلوق، فكيف أقف غداً بين يدي الخالق، ثم تنفس وتحسر ومات، رحمة الله تعالى عليه.
ولله در القائل:
«من كان وكان، ما كل واصل مواصل، ولا العناء يدني المنى، هذي سوابق لواحق، لمن يشاء الوهاب، قل لي إذا لم تصبر وتحتمل، إيش لك عمل، تقدر بقوة عزمك تغالب الغلاب، سلم قيادك تسلم، واخضع لمالك مهجتك تغنم، إذا اعتنى بك أتاك من أقرب الأبواب،، كم من موفق تائب، قد بان له سبل الهدى، وكم شقي وعاص، إلى السعة ما تاب، ويحك عروس المنايا، لبيت لحدك خبئت، وذا مشيبك وافى في جملة الخطاب، كأس المنايا دائر على البرايا كلهم، فقل لمن هو حاضر يخبر لمن قد غاب، غداً تبين الفضائح، ويشتهر ما قد خفي، وفي القيامة ينادى هل من قصدنا خاب؟» .
فائدة: الحياء محمود وحقيقته: خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، فيستفاد من هذا أن الحياء خير لأنه يبعث الإنسان على فعل الخير ويمنعه من فعل المعصية، فلهذا جاء في حديث: «الحياء خير كله» [1] ، وفي حديث آخر: «الحياء لا يأتي إلا بخير» [2] .
واستشكل العلماء هذا أيضاً بأن الحياء قد يمنع من الخير ومن قول الحق، وما يمنع من فعل الخير وقول الحق كيف يكون خير.
وأجابوا عن هذا أيضاً: بأن هذا ليس بحياء حقيقي شرعي بل هو عجز، وجوزوا تسميته حياء بطريق المجاز، سماه بعض أهل العرف حياء الشبهة بالحياء الحقيقي.
وقد ورد في فضل الحياء وفضل من تخلق به أحاديث قال - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم لأصحابه: «استحيوا من الله» قالوا: إنا نستحي من الله يا رسول الله والحمد لله فقال: «ليس [1] أخرجه مسلم في صحيحه (1/64، رقم 37) ، وأبو داود في سننه (4/252، رقم 4796) ، وأحمد في مسنده (4/426، رقم 19830) ، والبزار في مسنده (9/29، رقم 3537) ، والروياني في مسنده (1/128، رقم 127) ، والطيالسي في مسنده (ص 114، رقم 854) ، والطبراني في المعجم الكبير (18/171، رقم 387) ، والقضاعي في مسند الشهاب (1/76، رقم 70) عن عمران بن حصين. [2] متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (5/2267، رقم 5766) ، ومسلم في صحيحه (1/64، رقم 36) من حديث عمران بن حصين أيضاً.
اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 366