اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 216
فيحزن عليه، واما الهم فإنه يكون على أمر مستقل متوقع الوقوع ولم يقع.
ثم قالت له خديجة: «إنك لتصل الرحم» أي: لتحسن إلى أقاربك، فيه دلالة على استجاب صلة الرحم، وهو الإحسان إلى الأقارب، فتارة تكون صلة الرحم بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيادة، وتارة بالسلام، وتارة بغير ذلك.
«وتحمل الكل» أي: الثقل، والمعنى: أنك تعين الضعيف، وترفع ما عليه من الثقل.
«وتكسب المعدوم» الرواية الفصيحة [1] الكثيرة المشهوه «تكسب» بفتح الياء واختلف في معناه على خمسة أقوال:
فقيل: معناها وتعين المحتاج، فإن الرجل المحتاج العاجز عن الكسب كالمعدوم البت، أي: تعين هذا الذي كالمعدوم لعجزه فتعينه، وقيل في معناها غير ذلك.
وروي «تكسب» بضم أوله بمعنى تكسب غيرك المال المعدوم، أي: تعطيه إياه فحذف أول مفعوله، وقيل: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من مكارم الأخلاق العلوم وغير ذلك. [1] قال ابن حجر في الفتح (1/75) : في رواية الكشميهني وتكسب بضم أوله، وعليها قال الخطابي: الصواب المعدم بلا واو أي الفقير، لأن المعدوم لا يكسب.
قلت: ولا يمتنع أن يطلق على المعدم المعدوم لكونه كالمعدوم الميت الذي لا تصرف له، والكسب هو الاستفادة، فكأنها قالت: إذا رغب غيرك أن يستفيد مالا موجوداً رغبت أنت أن تستفيد رجلاً عاجزاً فتعاونه.
وقال قاسم بن ثابت في الدلائل: قوله يكسب معناه: ما يعدمه غيره ويعجز عته يصيبه هو ويكسبه.
قال أعرابي يمدح إنساناً: كان أكسبهم لمعدوم، وأعطاهم لمحروم وأنشد في وصف ذئب «كسوب كذا المعدوم من كسب واحد» أي: مما يكسبه وحده، (انتهى) .
ولغير الكشميهني «وتكسب» بفتح أوله، قال عياض: وهذه الرواية أصح.
قلت: قد وجهنا الأولى، وهذه الراجحة، ومعناها: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، فحذف أحد المفعولين، ويقال: كسبت الرجل مالاً وأكسبته بمعنى.
وقيل: معناه تكسب المال المعدوم وتصيب منه مالا يصيب غيرك. وكانت العرب تتمادح بكسب المال، لا سيما قريش.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة محظوظاً في التجارة. وإنما يصح هذا المعنى إذا ضم إليه ما يليق به، من أنه كان مع إفادته للمال يجود به في الوجوه التي ذكرت في المكرمات.
اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 216