responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 168
والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله الحارث عن كيفية نزول جبريل عليه بالقرآن فقال: «يأتيني جبريل بالقرآن وله صوت مثل صلصلة الجرس» أي: له صوت متدارك أي: متوال كتوالي صوت الجرس.
قيل: الحكمة في ذلك أن يتقرب سمعه - صلى الله عليه وسلم - ولا يبقى فيه مكان لغير صوت الملك ولا في قلبه، وكان جبريل ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه الحالة أشد وأصعب من الحالات عليه - صلى الله عليه وسلم -، فإن جميع حالات نزوله على النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت شديدة صعبة عليه [1] .

[1] صلصلة الجرس وتشبيه الوحي بها من المسائل التي أسهب ابن حجر فيها فقال في الفتح (1/66) : قوله: «مثل صلصلة الجرس» في رواية مسلم «في مثل صلصلة الجرس» والصلصلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة: في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين، وقيل: هو صوت متدارك لا يدرك في أول وهلة، والجرس الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدوآب، واشتقاقه من الجرس بإسكان الراء وهو الحس.
وقال الكرماني: الجرس ناقوس صغير أو سطل في داخله قطعة نحاس يعلق منكوساً على البعير، فإذا تحرك تحركت النحاسة فأصابت السطل فحصلت الصلصلة.
وهو تطويل للتعريف بما لا طائل تحته. وقوله: قطعة نحاس، معترض لا يختص به، وكذا البعير، وكذا قوله منكوساً، لأن تعليقه على تلك الصورة هو وضعه المستقيم له.
فإن قيل: المحمود لا يشبه بالمذموم، إذ حقيقة التشبيه إلحاق ناقص بكامل، والمشبه الوحي وهو محمود، والمشبه به صوت الجرس وهو مذموم لصحة النهي عنه والتنفير من مرافقة ما هو معلق فيه، والإعلام بأنه لا تصحبهم الملائكة كما أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما، فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟
والجواب: أنه لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه به في الصفات كلها، بل ولا في أخص وصف له، بل يكفي اشتراكهما في صفة ما، فالمقصود هنا بيان الجنس، فذكر ما ألف السامعون سماعه تقريباً لأفهامهم.
والحاصل أن الصوت له جهتان: جهة قوة وجهة طنين، فمن حيث القوة وقع التشبيه به، ومن حيث الطرب وقع التنفير عنه وعلل بكونه مزمار الشيطان، ويحتمل أن يكون النهي عنه وقع بعد السؤال المذكور وفيه نظر.
قيل: والصلصلة المذكورة صوت الملك بالوحي، قال الخطابي: يريد أنه صوت متدارك يسمعه ولا يتبينه أول ما يسمعه حتى يفهمه بعد، وقيل: بل هو صوت حفيف أجنحة الملك.
والحكمة في تقدمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقي فيه مكان لغيره، ولما كان الجرس لا تحصل صلصلته إلا متداركة وقع التشبيه به دون غيره من الآلات.
اسم الکتاب : شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية المؤلف : السفيري، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست