responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 457
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسأل أحدّا غيرك. فقال: (قل آمنت بالله ثم استقم) استقم لفظ جامع للإتيان بجميع الأوامر،
والانتهاء عن جميع المناهي؛ لأنه لو ترك أمرا لم يكن مستقيما على الطريق المستقيم، بل عدل
عنه حتى يرجع إليه، ولو فعل منهيّا فقد عدل الطريق المستقيم، أيضّا حتى يتوب، وهذا
ما عليه كلام الشارحين.
قوله: (لا أسأل أحدّا بعد سؤالك هذا، كقوله (تعالى): (وما
يمسك فلا مرسل له من بعده) أي من بعد إمساكه، وقوله في رواية أخرى (غيرك) ملزوم
ذلك اللفظ، فإنه إذا لم يسأل بعد سؤاله أحدّا يلزم منه أن لا يسأل غيره.
قوله: ثم (استقم) (شف): لفظ (ثم) موضوع للتراخي دالة على أن الكفار غير مكلفين
بفروع الإسلام، بل هم مكلفون بأصوله فقط، فإذا آمنوا كلفوا بفروعه. وأقول: اتفق علماء
البيان على أن (ثم) في مثل قوله (تعالى): (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) وقوله: (إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) للتراخي في الرتبة، وأن الثبات والاستقامة على ذلك
أفضل من قول: آمنت بالله، ومقتضياته، وذلك أن هذا القول ادعاء من القائل بأنه رضي بالله
ربا، والرضى بذلك إقرار بأن المعبود الخالق المنعم على الإطلاق مالكه ومدبر أمره، يوجب
القيام بمقتضياته من الإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ومن الشكر باللسان،
وتحقيق مراضيه بالقلب والجوارح. ثم الاستقامة على هذا، والثبات عليه، وألا يروغ روغان
الثعلب_ أفضل وأكمل.
فإن قيل: ما الفرق بين هذا وبين قول الشارحين؟ نقول: إن قوله: (آمنت بالله) على هذا
مستتبع لما ذهب إليه الشارحون في تفسير قوله: (ثم استقم) فيسلم على هذا معنى الاستقامة
للثبات؛ والاستدامة على القول ومقتضياته، فتحسن موقع (ثم) المستدعية للتراخي في الرتبة لا
الزمان لفساده، وينصره قوله: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) فإن
قوله: (ثم لم يرتابوا) يفسر معنى قوله: (ثم استقاموا) بالثبات، وهو لتفسير الشارحين غير
مطابق. وأيضا لما تقرر من قبل أن مذهب الصحابة والتابعين والمحدثين على أن الإيمان مشتمل
على التصديق بالجنان والقول باللسان والعمل بالأركان_ وجب حمل معنى قوله: (آمنت) على
المجموع، وقوله: (ثم استقم) على الثبات على ذلك.
ــــــــــــــــــــــ

اسم الکتاب : شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن المؤلف : الطيبي    الجزء : 2  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست