الحديث السادس عشر
مكان إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -
بَابُ الإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] [1].
هذا حديث ابن عمر وفيه إثبات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهَلَّ من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة.
ولا يفهم من قوله: (مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ)؛ أنه يعني بعد الصلاة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر في المدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات تلك الليلة، ثم أحرم، فإنه أحرم عندما انبعثت به راحلته [2] هذا هو الصحيح.
وفي لفظٍ عن ابن عمر كذلك: (ثم يركب فإذا استوت به راحلته قائمًا أحرم) [3] وفي حديث جابر: (حتى إذا استوت به على البيداء) [4] وهذا لا ينافي أن يكون أحرم أول ما ركبها، فإما أن يكون استوى عليها وهي على البيداء - فالمكان هناك كله صحراء -، أو يكون مشى شيئًا ثم رفع صوته فسمعه جابر - رضي الله عنه -.
وهذا هو الصحيح أنه لم يحرم - صلى الله عليه وسلم - بعد الصلاة ولم يشرع في التلبية وعقد الإحرام حتى مشى، بل منذ أن ركب راحلته واستوت به أهَلَّ - صلى الله عليه وسلم -.
وبعضهم رام جمع الآثار في هذا وقال بالحديث الذي رواه أبو داود [5] من طريق خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير قال: (عجبت لاختلاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في نسكه) قال ابن عباس [1] أخرجه البخاري (1541)، ومسلم (1186). [2] كما رواه البخاري (1628)، ومسلم (690) بشطره الأول، وهو من حديث أنس - رضي الله عنه -. [3] رواه البخاري (1479). [4] رواه مسلم (1218). [5] برقم (1770).