اسم الکتاب : مجالس التذكير من حديث البشير النذير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 298
منها ليس من لهجة قريش. وكان في هذا ما أشعرهم بوحدتهم بالتفافهم حول مركز واحد ينتهون كلهم إليه ويشتركون فيه. وقد نبه على هذا المعنى قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} فأخبره أن القرآن شرف له ولقومه- نزل بلغتهم ونهض بهم من كبوتهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور وهيأهم لهداية الأمم وإنقاذها من الهلاك وقيادتها لعزها وسعادتها- وأنهم يسئلون عن هذه النعمة. يقول هذا ليعملوا بالقرآن ويعلموا أن شرفه إنما هو للعالمين.
على أن العرب رشحوا لهداية الأمم التي تدين بالإسلام وتقبل هدايته ستتكلم بلسان الإسلام وهو لسان العرب فينمو عدد الأمة العربية بنمو عدد من يتكلمون لغتها، ويهتدون مثلها بهدي الإسلام. علم هذا فبين أن من تكلم بلسان العرب فهو عربي وإن لم يتحدر من سلالة العرب، فكان هذا من عنايته بهم لتكثير عددهم لينهضوا بما رشحوا له. بين هذا في حديث رواه ابن عساكر في تاريخ بغداد بسنده عن مالك الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: (جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي فقال: هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل "يعني النبي صلى الله عليه وسلم" فما بال هذا "يعني الفارسي والرومي والحبشي ما يدعوهم إلى نصره وهم ليسوا عربا مثل قومه" فقام إليه معاذ بن جبل- رضي الله عنه - فأخذ بتلبيسه (ما على نحره من الثياب) ثم أتى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبره بمقالته، فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مغضبا يجر ردائه (لما أعجله من الغضب) حتى أتى المسجد ثم نادى: "الصلاة جامعة" (ليجتمع الناس)، وقال- صلى الله عليه وآله وسلم-: «أيها الناس، الرب واحد
اسم الکتاب : مجالس التذكير من حديث البشير النذير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 298