اسم الکتاب : مجالس التذكير من حديث البشير النذير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 263
نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون". أراد أن يستولي الجيش على الماء ويمنع منه العدو فيكون ذلك أنكى فيه وأعون عليه وهذا هو الرأي الموافق لما تقتضيه الحرب من تضعيف العدو ومكايدته بالأسباب التي تسرع بقهره.
وظهر هذا للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال له: «لقد أشرت بالرأي» ونهض بالناس حتى نزل المنزل الذي أشار به الحباب وفعل ما أشار به ورجع أعظم قائد إلى رأي جندي من جنوده لما ظهر له صواب إشارته.
قد عصم الله نبيه- صلى الله عليه وآله وسلم- فلا يستقر أمره في جميع سياسته وتدبيره إلا على أحسن الوجوه بما يهدي إليه من نفسه- وهو الكثير- وما يرجع إليه مما يشير به أصحابه- وهو القليل- والحكمة في هذا القليل أن يسن لأمته حرية إبداء الرأي في الشؤون العامة من الكبير والصغير، والرجوع للصواب إذا ظهر من أي أحد كان.
هذا الأصلان: حرية إبداء الرأي من جميع أفراد الرعية والرجوع إلى الصواب من رعاتها، عليهما تبنى سعادة الأمة وعظمتها، وبهما تشعر الأمة والوحدة بين الرعية ورعاتها، ومنهما تستمد الأمة النظم اللازمة لها في حياتها، وقد قررهما الإسلام وبينهما النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- تبيينا عمليا في هذه القصة [1]. [1] ش: ج 1، م 11 - غرة محرم 1354ه - أفريل 1935م.
اسم الکتاب : مجالس التذكير من حديث البشير النذير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 263