اسم الکتاب : مجالس التذكير من حديث البشير النذير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 104
الألفاظ:
الراهب: هو العابد وكانت الرهبنة فيمن قبلنا بالانقطاع عن الناس والتفرغ للعبادة، ابتدعها أهلها دون أن يكتبها الله عليهم كما في سورة الحديد. ثم جاء الإسلام فشرع الجمعة والجماعة فأبطل الانقطاع عن الناس للعبادة إلا من فرَّ بدينه أيام الفتنة خوفا على نفسه منها. والعالم من له دراية وملكة واشتغال بالعلم، والمقابلة ما بينهما في الحديث تقتضي أن الراهب لم يكن عنده من العلم ما يقال في صاحبه عالم. والعالم لم يكن عنده من الانقطاع للعبادة ما يقال في صاحبه راهب. قال الإمام محمد السنوسي- رادا على الأبي-: تسمية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- الرجل الثاني بالعالم والأول بالراهب يدل على أن الراهب ليس بعالم، والحجة فيما دل عليه لفظه صلى الله عليه وآله وسلم من أن كل واحد إنما ثبت له في نفس الأمر معنى الوصف الذي أطلقه عليه، وأما دلالة الدال على الراهب وهو إنما سئل عن العالم فليس فيه دليل على أن الراهب كان عالما لاحتمال أن يكون الدال رجلا جاهلا، ولا يعرف العالم إلا من هو عالم، لا سيما والرهبانية كثيرا ما يعتقد الجهلة ملازمتها للعلم. والترهب إن سلم أنه يقتضي العلم فإنما يقتضي العلم بما يحتاج إليه في ترهبه وإلا فكم من مترهب جاهل. ا ه
المعنى:
هذا رجل جنى هذه الجنايات العديدة ثم ذكر الله تعالى فأراد الرجوع إليه فسأل عن أعلم أهل الأرض ليوجده سبيلا إلى ذلك، فدله من دله على راهب لاعتقاد العامة العلم في كل مظهر للتعبد، فلم يجد عنده مخرجا من جنايته فكمل بقتله المائة محمولا على
اسم الکتاب : مجالس التذكير من حديث البشير النذير المؤلف : ابن باديس، عبد الحميد الجزء : 1 صفحة : 104