اسم الکتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء المؤلف : ماهر الفحل الجزء : 1 صفحة : 449
قَالَ الإمام الترمذي: ((سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل - البخاري - يقول: ((حَدِيْث سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل في هَذَا الباب أصح من حَدِيْث شعبة، وشعبة أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث في مواضع، قَالَ: ((عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، وإنما هُوَ حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، ليس فِيْهِ علقمة، وَقَالَ:
((وخفض بِهَا صوته)) وَالصَّحِيْح أنه جهر بِهَا)) وسألت أبا زرعة فَقَالَ: ((حَدِيْث سفيان أصح من حَدِيْث شعبة، وَقَدْ رَوَاهُ العلاء بن صالح [1])) [2].
وَقَدْ عقّب الحافظ البيهقي عَلَى قَوْل هذين الجهبذين فَقَالَ: ((أما خطؤه في متنه فبين، وأما قوله: ((حجر أبو العنبس)) فكذلك ذكره مُحَمَّد بن كثير عن الثوري [3]، وأما قوله: عن علقمة فَقَدْ بين في روايته أن حجراً سمعه من علقمة، وَقَدْ سمعه أَيْضاً من وائل نفسه [4]، وَقَدْ رَوَاهُ أبو الوليد الطيالسي عن شعبة نحو رِوَايَة الثوري)) [5].
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((كَذَا قَالَ شعبة وأخفى بِهَا صوته، ويقال: إنه وهم فِيْهِ؛ ولأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل، وغيرهما رووه عن سلمة، فقالوا: ورفع صوته بآمين، وَهُوَ الصواب)) [6].
والذي يهمنا في مجال بحثنا هُوَ خطأ الإمام شعبة بقوله: ((أخفى بِهَا صوته))، والمرجح هنا هُوَ رِوَايَة سفيان، وعند الاختلاف من غَيْر مرجحات فرواية سفيان أقوى من رِوَايَة شعبة؛ إِذْ قَالَ شعبة نفسه: ((سُفْيَان أحفظ مني))، وَقَالَ لَهُ رجل: وخالفك سُفْيَان قَالَ: ((دمغتني))، وَقَالَ يحيى بن سعيد القطان: ((ليس أحدٌ أحب إليّ من شعبة، ولا يعدله عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان)) [7]. وَقَالَ البيهقي: ((لا أعلم [1] هُوَ العلاء بن صالح التيمي العبدي، الأسدي الكوفي العطار: صدوق لَهُ أوهام.
تهذيب الكمال 5/ 524 - 525 (5161)، والكاشف 2/ 104 (4334)، والتقريب (5242). [2] الجامع الكبير 1/ 289، والعلل الكبير: 68 (98)، ورواية العلاء بن صالح ستأتي. [3] رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير عن الثوري عِنْدَ أبي داود (932)، والطبراني في " الكبير " 22/ (111).
ويزاد على هَذَا أن رِوَايَة وكيع بن الجراح - وَهُوَ ثقة - التقريب (7414) -، والمحاربي: عَبْد الرحمان ابن مُحَمَّد بن زياد، وَهُوَ ثقة - تهذيب الكمال 4/ 466 - ، روياه عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 333 عن سفيان الثوري، عن سلمة، عن حجر أبي عنبس، بِهِ لذا نجد المزي صدّر الترجمة بقوله: ((حجر بن العنبس الحضرمي، أبو العنبس))، تهذيب الكمال 2/ 69 (1120). [4] كَمَا بينا - فِيْمَا سبق - في تخريج حَدِيْث شعبة فبعض الرُّوَاة رووا الْحَدِيْث عن حجر، عن علقمة، عن وائل، أو عن وائل فيشبه أن يَكُوْن حجر قَدْ سمعه من علقمة، ومن أبيه وائل أَيْضاً. [5] السنن الكبرى، للبيهقي 2/ 58. [6] سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 334. [7] انظر: تهذيب الكمال 3/ 220.
اسم الکتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء المؤلف : ماهر الفحل الجزء : 1 صفحة : 449