اسم الکتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء المؤلف : ماهر الفحل الجزء : 1 صفحة : 175
أيضاً، وإن خالف جَمِيْع الأقيسة، فَقَالَ عيسى بن أبان [1] والقاضي أبو زيد الدبوسي [2] وتابعهما أكثر المتأخرين من الحنفية أنَّهُ لا يقبل [3].
وَهُوَ قولٌ للمالكية [4].
وفصّل أبو الْحُسَيْن البصري [5] من المعتزلة تفصيلاً آخر، فرأى أن القياس يقدّم عَلَى خبر الواحد في حالة ثبوت علة القياس بدليل قاطع، وعلل ذَلِكَ بأن النص عَلَى العلة كالنص عَلَى حكمها، فحينئذ القياس قطعي، وخبر الآحاد ظني، والقطعي مقدم عَلَى الظني [6].
واستدلوا بأن عرض خبر الواحد عَلَى القياس كَانَ من ضمن المناهج الَّتِي اتبعها الصَّحَابَة في نقد المرويات وتمحيص الأخبار، فهذا ابن عَبَّاسٍ يرد عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عندما حدّث بحديث: ((توضؤوا مِمَّا مست النار))، قائلاً: أنتوضأ من الدُّهن، أنتوضأ من الحميم؟ فَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ: ((يا ابن أخي إذا سَمِعْت حديثاً عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تضرب لَهُ الأمثال)). (7)
فابن عَبَّاسٍ قَدْ توقف في قبول خبر أبي هُرَيْرَةَ وعارضه بالقياس.
وأجاب الجُمْهُوْر: بأن دعوى أن مِثْل هَؤُلاَءِ من الصَّحَابَة - كأبي هُرَيْرَةَ وأنس - ليسوا من أهل الفقه، أمر فِيْهِ نظر طويل، ولوا أمعنا النظر في مروياته وآرائه لعلمنا رجاحة عقليته الفقهية، وإجابته لابن عَبَّاسٍ تدل عَلَى هَذَا دلالة لايشوبها لبس أو [1] عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى، فقيه العراق وقاضي البصرة، مات سنة (221 هـ).
تاريخ بغداد 11/ 157 و 159، وسير أعلام النبلاء 10/ 440، وميزان الاعتدال 3/ 310. [2] العلامة، شيخ الحنفية، أَبُو زيد عَبْد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي، لَهُ مصنفات مِنْهَا: " تقويم الأدلة " و " الأسرار "، مات سنة (430 هـ).
اللباب 1/ 490، وسير أعلام النبلاء 17/ 521، وشذرات الذهب 3/ 245 - 246. [3] كشف الأسرار للبزدوي 2/ 377 - 378. وانظر: الفصول في الأصول 3/ 141، وشرح مختصر ابن الحاجب للشمس الأصفهاني 1/ 752، وتيسير التحرير 3/ 116، وشرح التلويح عَلَى التوضيح 2/ 5، وأسباب اختلاف الفقهاء: 292. [4] البحر المحيط 4/ 343. [5] أبو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الطيب البصري صاحب التصانيف منها: " المعتمد في أصول الفقه "
و" تصفح الأدلة "، مات سنة (436 هـ).
تاريخ بغداد 3/ 100، وسير أعلام النبلاء 17/ 587 - 588، وشذرات الذهب 3/ 259. [6] المعتمد 2/ 163.
(7) رَوَاهُ الطيالسي (2376)، وعبد الرزاق (267) و (568)، وأحمد 2/ 265، ومسلم 1/ 187 (352)، والترمذي (79)، والنسائي 1/ 105، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 63.
اسم الکتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء المؤلف : ماهر الفحل الجزء : 1 صفحة : 175