responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء المؤلف : ماهر الفحل    الجزء : 1  صفحة : 166
ومن بَيْن تِلْكَ الشروط: أن لا يعمل الرَّاوِي بخلاف روايته [1]، ووافقهم عَلَى هَذَا بَعْض المالكية [2]؛ لأنَّهُ ما عمل بخلافه إلا وَقَدْ تيقن من طريق صحيحة نسخه، أو صرفه عن ظاهره بتأويله أو تخصيصه، سواء كَانَ هَذَا من معاينة حال رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، أو سَمَاع نصٍ جلي صريح مِنْهُ، أو علم إجماع الصَّحَابَة عَلَى خلاف مضمونه، فأوجب هَذَا عَلَيْهِ القول بمقتضى المتأخر من حَيْثُ علمه [3].
وفصّل أبو بكر الرازي الجصاص من الحنفية، فرأى أن الخبر المروي عَلَى هَذِهِ الصورة لا يخلو عن حالتين:
الأولى: أن يَكُوْن الخبر محتملاً للتأويل، فعند ذَلِكَ لا يؤخذ بتأويل الصَّحَابِيّ فمن دونه، ويبقى الخبر عَلَى ظاهره معمولاً بمنطوقه، إلاّ عِنْدَ قيام دلالة عَلَى وجوب صرفه إِلَى ما يؤوله الرَّاوِي.
الثانية: أن لا يحتمل الخبر تأويلاً، ولا يمكن أن يَكُوْن لفظ الْحَدِيْث تعبيراً من الصَّحَابِيّ، فهذا الَّذِي يتوقف في قبوله والعمل بِهِ [4].
وجمهور الفقهاء والأصوليين عَلَى خلافه، إذ لا يلزم من مخالفة الصَّحَابِيّ للحديث الَّذِي يرويه، أن يَكُوْن قَد اطَّلع عَلَى ناسخ لَهُ، أو بدا لَهُ وجه تأويله [5]، ثُمَّ إن المقتضي للحكم هُوَ ظاهر اللفظ في الخبر، وَهُوَ قائم، وما عارضه من فعل الرَّاوِي لا يصلح أن يَكُوْن معارضاً؛ وذلك لأن احتمال تمسكه بِمَا ظنه دليلاً - مَعَ أنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ - قائم، وتَدَيّن الصَّحَابِيّ وإحسان الظن بِهِ، يمنعه من تعمد الخطأ، أما السهو والغلط فممكن عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ ممكن عَلَى غيره [6].
وقول الصَّحَابِيّ - مهما كَانَتْ مكانته - لا تقاوم الوقوف بوجه النص، لا سيما إذا كَانَ النص لا يحتمل التأويل، وإنما يعدُّ هَذَا من اجتهادات ذَلِكَ الصَّحَابِيّ، والأمة ملزمة بالعمل بالنص، وغير ملزمة بالعمل باجتهادات الصَّحَابَة، قَالَ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ

[1] كشف الأسرار للبزدوي 3/ 61، وأصول السرخسي 2/ 8، وميزان الأصول: 444 وتحقيق د. عَبْدالملك السعدي 2/ 655 - 657، وتيسير التحرير 3/ 71.
[2] البحر المحيط 4/ 346.
[3] ميزان الأصول: 445، تح: د. مُحَمَّد زكي عَبْد البر، و 2/ 656 تح: د. عَبْد الملك السعدي، وأصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد: 36.
[4] الفصول في علم الأصول 3/ 203.
[5] أسباب اختلاف الفقهاء: 304.
[6] إحكام الفصول للباجي 1/ 352 فقرة (314)، والمحصول 2/ 216.
اسم الکتاب : أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء المؤلف : ماهر الفحل    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست