اسم الکتاب : السنة المطهرة والتحديات المؤلف : عتر الحلبي، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 175
ومن أوجه تبيان ذلك بالأدلة القاطعة:
1 - أَنَّ المُحَدِّثِينَ قَرَّرُوا كما هو مُدَوَّنٌ في كل كتب علوم الحديث، أن من دلائل الوضع في الحديث مخالفته للوقائع الحِسِّيَّةِ المُشَاهَدَةِ أَوْ لِلْتَأْرِيخِ ...
وهذا أمر مفروغ منه، مطبق على أوسع نطاق في نقد الأحاديث كما يشاهد في الكُتُبِ الخَاصَّةِ بالأحاديث الموضوعة والتحذير منها وفي كُتُبِ نقد الرُوَّاةِ.
وهذه حادثة لطيفة من أسلاف جولدتسهير من اليهود لها دلالتها الهامة، جرت مع الحافظ الإمام أبي بكر الخطيب البغدادي سَنَةَ 447 هجرية.
قال الإمام الذهبي في " تذكرة الحفاظ ": «أَظْهَرَ بَعْضُ اليَهُودِ كِتَابًا بِإِسْقَاطِ النَّبِيِّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجِزْيَةَ عَنْ الخَيَابِرَةِ - يَعْنِي يُهَودَ خَيْبَرَ -وَفِيهِ شَهَادَةٌ لِلْصَّحَابَةِ، فَعَرَضَهُ الوَزِيرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: «هَذَا مُزَوَّرٌ».
قِيلَ: «مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟».
قال: «فِيهِ شَهَادَةُ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ أَسْلَمَ عَامَ الفَتْحِ بَعْدَ خَيْبَرَ، وَفِيهِ شَهَادَةُ سَعْدٍ بْنِ مُعَاذٍ، وَمَاتَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِسَنَتَيْنِ».
فَاسْتَحْسَنَ الوَزِيرُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ مَا فِي الكِتَابِ [1] انتهى.
(1) " التذكرة ": 1141، وانظر " طبقات الشافعية الكبرى ": 4/ 35 و " الإعلان بالتوبيخ " للسخاوي: ص 10، و " الخطيب البغدادي " للدكتور يوسف [العش]: ص 235 وقد أحال إلى هذه المصادر وغيرها وأوردنا ذلك في تصديرنا لكتاب " الرحلة في طلب الحديث " للخطيب البغدادي، مع واقعة أخرى في عتق سلمان الفارسي ص 53 ـ 54.
لكن الغريب أَنَّ القوم لم يرتدعوا بما حاق بهم من الخيبة بل حاولوا تثبيت هذه الوثيقة كَرَّةً ثَانِيَةً فأحضروا هذا الكتاب بين يدي ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ - وحوله اليهود يزفونه ويجلونه وقد غشي بالحرير والديباج فلما فتحه وتأمله بزق عليه وقال: «هَذَا كَذِبٌ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ» وذكرها، فقاموا من عنده بِالذُلِّ وَالصَّغَارِ. انظر القصة وتفصيل الأوجه وهي عشرة في كتاب تلميذه ابن القيم: " المنار المنيف في الصحيح والضعيف ": ص 102 ـ 105.
اسم الکتاب : السنة المطهرة والتحديات المؤلف : عتر الحلبي، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 175