المطلب الثاني: مكانة السنة من القرآن من حيث ثبوتها وعدّها المصدر الثاني للتشريع:
فصَّل الإمام الشاطبي في المسألة أتم تفصيل فقال: "رتبة السنة التأخر عن الكتاب في الاعتبار. والدليل على ذلك أمور:
أحدها: أن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة. والقطع فيها إنما
ومن خلال هذا البيان نعلم أن القرآن والسنة في منزلة واحدة؛ من حيث حفظهما عن التبديل أو التحريف لمعانيهما؛ ومن ثَمّ فإن منزلتهما ومكانتهما في مرتبة واحدة؛ من حيث إن كلاً منهما يحتج به؛ لأنه وحي.
قال عجاج الخطيب:"السنة من حيث وجوب العمل بها، ومن حيث إنها وحي: هي بمنزلة القرآن الكريم. وإنما تلي القرآن بالمرتبة من حيث الاعتبار؛ لأنه مقطوع به جملة وتفصيلاً، والسنة مقطوع بها على الجملة لا على التفصيل؛ ولأنه هو الأصل، وهي الفرع؛ لأنها شارحة ومبينة له، ولا شك في أن الأصل مقدم على الفرع، والبيان مؤخر عن المبين. وقد دل على ذلك حديث معاذ بن جبل حين بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم قاضياً إلى اليمن" [1] . [1] أصول الحديث علومه ومصطلحه ص 36-37. والحديث ضعيف، فيه علل ثلاث: 1-أنه مرسل عن معاذ، 2-جهالة أصحاب معاذ، 3- جهالة الحارث بن عمرو. انظر كتاب: سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم 881، 2/273-286، وذكر محقق مسند أحمد العلتين الأخيرتين انظر المسند 36/333، الحاشية رقم 2. وبيَّن الألباني في كتابه: منزلة السنة في الإسلام وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن ص 16 أن معنى حديث معاذ صحيح في التفريق بين الرأي والنص، وخطأ في التفريق بين السنة والقرآن؛ فما وجد في القرآن يبحث عنه أيضاً في السنة.