ثم إنَّ الله يقول مُبَيِّنًا حقيقة مقام الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تبليغ دينه: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لأََخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (2)
تفيد الآية أَنَّ الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لو تكلف القول وافترى على الله - حاشاه أنْ يفعل ذلك - غير ما أخبر الله به فإنَّ المنية تخترقه في حينه وأنَّ مغبة مثل هذا العمل قاسية وأليمة لا تحمد عقباها، فهل يتصور منه بعد هذا الإنذار والوعيد الشديدين لهذا النبي الأُمِيَّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَنْ يصدر منه تحليل أو تحريم أو تفصيل في الدين مبناه الهوى والنفس الأَمَّارة بالسوء فضلاً عن أنه الصادق الأمين. إذن لا تصدر حركاته وسكناته وأقاويله التشريعية إلاَّ موافقة للإرادة الإلهية وعلى هذا فالسُنَّة وحي من الله وأخبار منه بواسطة رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال السيد رشيد رضا: «لا شك في أَنَّ أتباع الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما صَحَّ عنه من بيان الدين داخل في عموم ما أنزل الله إلينا على لسانه ... فإنه تعالى أمرنا باتباعه وطاعته وأخبرنا أنه مُبَلِّغٌ عنه وقال له: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]. والجمهور على أنَّ الأحكام الشرعية الواردة في السُنَّة مُوحَى بها وأنَّ الوحي ليس مقصورًا في القرآن» [3]. [1] رواه أبو داود عن المقداد: 5/ 10.
(2) [الحاقة: 44 - 47]. [3] تفسير المنار: 8/ 308.
اسم الکتاب : السنة في مواجهة الأباطيل المؤلف : حكيم، محمد طاهر الجزء : 1 صفحة : 104