وكان طلاب العلم يسألون الأئمة ويكتبون إليهم ليخبروهم عن الرواة، من ذلك ما رواه الإمام مسلم بإسناده عن عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه قال: «كَتَبْتُ إِلَى شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطَ فَكَتَبَ إِلَيَّ: " لاَ تَكْتُبْ عَنْهُ [شَيْئًا] وَمَزِّقْ كِتَابِي» [3].
وكان النقاد يدققون في حكمهم على الرجال، يعرفون لكل محدث ما له وما عليه، قال الشعبي: «وَاللهِ لَوْ أَصَبْتُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ مَرََّةٍ، وَأَخْطَأْتُ مَرََّةً لَعَدُّوا عَلَيَّ تِلْكَ الوَاحِدَةَ» [4]. وكانت المظاهر لا تغريهم، وكل ما يهمهم أن يخلصوا العمل لله، ويصلوا إلى ما ترتاح إليه ضمائرهم، لخدمة الشريعة ودفع ما يشوبها، وبيان الحق من الباطل، قَالَ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ: «إِنَّا لَنَطْعُنُ عَلَى أَقْوَامٍ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي الجَنَّةِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ» [5]. قال السخاوي: «أَيْ أَنَاسٌ صَالِحُونَ، وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ» [6].
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلاَّدٍ , قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: أَمَا تَخْشَى [1] مقدمة " التمهيد ": ص 12: ب.
(2) " صحيح مسلم بشرح النووي": ص 92 جـ 1. [3] المرجع السابق: ص 110 جـ 1.
(4) " تذكرة الحفاظ ": ص 77 جـ 1.
(5) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص 160: آ.
(6) " الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ": ص 52.
اسم الکتاب : السنة قبل التدوين المؤلف : الخطيب، محمد عجاج الجزء : 1 صفحة : 234