اسم الکتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق المؤلف : السباعي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 273
«كَثِيراً مَا يَقُولُونَ " لاَ يَصِحُّ "، وَ " لاَ يَثْبُتُ " هَذَا الحَدِيثُ، وَيُظَنُّ مِنْهُ مَنْ لاَ عِلْمَ لَهُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، أَوْ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَهْلِهِ بِمُصْطَلَحَاتِهِمْ وَعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى مُصَرَّحَاتِهِمْ»، فقد قال علي القاري في " تذكرة الوضوعات ": «لاَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ وُجُودُ الوَضْعِ». وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الأذكار المسمى بـ " نتائج الأفكار ": ثبت عن أحمد ابن حنبل أنه قال: «لا أعلم في التسمية (أي التسمية بالوضوء) حَدِيثًا ثابتاً»، قلت: (أي ابن حجر): «لاَ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ العِلْمِ ثُبُوتُ العَدَمِ، وَعَلَى التَنَزُّلِ: لاَ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الثُّبُوتِ ثُبُوتُ الضَّعْفِ، لاِحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بَالثُّبُوتِ الصِحَّةَ، فَلاَ يَنْتَفِي الحُسْنُ» اهـ.
ثَالِثاًً - الإمام أحمد لم يقل: إنه لم يصح في التفسير شيء، وإنما قال: «ثَلاَثَةُ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ»، والظاهر أن مراده نفي كتب خاصة بهذه العلوم الثلاثة، بدليل ما جاء في الرواية الثانية مُصَرِّحاً به «ثَلاَثَةُ كُتُبٍ». وهذا المعنى هو ما فهمه الخطيب البغدادي، حيث قال: «وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كُتُبٍ مَخْصُوصَةٍ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ [غَيْرِ مُعْتَمَدٍ عَلَيْهَا لِعَدَمِ عَدَالَةِ نَاقِلِيهَا وَزِيَادَاتِ الْقُصَّاصِ فِيهَا فَأَمَّا كُتُبُ الْمَلاَحِمِ فَجَمِيعُهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلْيَسَ يَصِحُّ فِي ذِكْرِ الْمَلاَحِمِ الْمُرْتَقَبَةِ وَالفِتَنِ الْمُنْتَظَرَةِ غَيْرُ أَحَادِيثَ يَسِيرَةٍ، وَأَمَّا كُتُبُ التَّفْسِيرِ] فَمِنْ أَشْهَرَهَا كِتَابَا الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي " تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ ": " مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ كَذِبٌ [قِيلَ لَهُ: فَيَحِلُّ النَّظَرُ فِيهِ؟] قَالَ: لاَ "».
رَابِعاًً - يحتمل أن يكون مُرَادُ الإمام أحمد في عبارته المذكورة أن ما صح من التفسير قليل بالنسبة لما لم يصح، وعلى هذا المعنى حملها كثير من أهل العلم. ففي " الإتقان " [1]، قال ابن تيمية: «وَأَمَّا القِسْمُ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الصَّحِيحِ مِنْهُ فَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَإِنْ قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: " ثَلاَثَةٌ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ: التَّفْسِيرُ وَالْمَلاَحِمُ وَالْمَغَازِي" وَذَلِكَ لأَنَّ الغَالِبَ عَلَيْهَا الْمَرَاسِيلُ».
وقال الزركشي في " البرهان " [2]: «لِلْنَّاظِرِ فِي القُرْآنِِ لِطَالِبِ التَّفْسِيرِِ مَآخِذُ [1] 2/ 178 الطبعة السابقة. [2] كذا نقله السيوطي عنه في " الإتقان ": 2/ 178 الطبعة السابقة.
اسم الکتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق المؤلف : السباعي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 273