responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق المؤلف : السباعي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 235
ومن نوادره في الحفظ ما أخرجه مُؤَرِّخ الشَّامِ ابن عساكر في " تاريخه " بسنده إلى عبد العزيز بن عمران: أَنَّ عَبْدَ المَلِكَ كَتَبَ إِلَى أَهَل المَدِينَةِ يُعَاتِبُهُمْ فَوَصَلَ كِتَابُهُمْ فِي طُومَارَيْنِ (صَحِيفَتَيْنِ) فَقُرِئَ الكِتَابُ عَلَى النَّاسِ عَنْدَ المِنْبَرِ، فَلَمَا فَرَغُوا وَافْتَرَقَ النَّاسُ اجْتَمَعَ إِلَى سَعِيدٍ بْنِ المُسَيِّبِ جُلَسَاؤُهُ، فَقَالََ لَهُمْ سَعِيدٌ: «مَا كَانَ فِي كِتَابِهِ؟ لَيْت أَنَّا وَجَدْنَا مَنْ يَعْرِفُ لَنَا مَا فِيهِ؟» فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنْ جُلَسَائِهِ يَقُولُ: فِيهِ كَذَا، وَيَقُولُ الآخَرُ: فِيهِ كَذَا، قَالَ: فَكَأَنَّ سَعِيداً لَمْ يَشْتَفِ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ بِخَبَرِهِمْ، فَبَانَ ذَلِكَ لابْنِ شِهَابٍ فَقَالَ: «أَتُحِبُّ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أََنْ تَسْمَعَ كُلَّ مَا فِيهِ؟»، قَالَ: «نَعَمْ»، فَقَرَأَهُ حَتَّى جَاءَ عَلَيْهِ كُلَّهُ كَأَنَّمَا كَانَ يَقْرَؤُهُ مِنْ كِتَابٍ بِيَدِهِ.

ولقد بلغ الزُّهْرِيُّ في الحفظ أنْ أراد هشام بن عبد الملك أنْ يمتحنه بنفسه، فسأله أنْ يُمْلِي على بعض ولده، فدعا بكاتب فأملى عليه أربعمائة حديث، ثم إنَّ هشاماً قال له بعد شهر أو نحوه: «يَا أَبَا بَكْرٍ إنَّ ذَلِكَ الكِتَابَ ضَاعَ»، فدعا بكاتب فأملاها عليه، ثم قابله هشام بالكتاب الأول فما غادر حرفاً.

ومما يطرف ذكره هنا ما يَرْوُونَهُ عن الزُّهْرِي، أنه كان يشرب العسل كثيراً ويقول: «إِنَّهُ يُذَكِّرُ»، ويكره أكل التفاح الحامض والخل ويقول: «إِنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا يُنْسِي»، وَيَرْوُونَ عنه أنه قال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْفَظَ الحَدِيثَ، فَلْيَأْكُلِ الزَّبِيبَ ... »

اِشْتِهَارُهُ بِالعِلْمِ وَإِقْبَالُ النَّاسِ عَلَيْهِ:
لم يكن غريباً بعد أنْ عانى الزُّهْرِي في صباه ما عانى من السَهَرِ والسفر وخدمته لشيوخه، وبعد أنْ عرف الناس قوة حفظه، وَشِدَّةَ إتقانه وأمانته وصدقه في العلم أنْ ينتشر صِيتُهُ في الآفاق، وَيُقْبِلَ عليه الناس من كل فَجٍّ يكتبون حديثه.

وقال الإمام مالك: «كَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا دَخَلَ المَدِينَةَ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ العُلَمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا، وَأَدْرَكْتُ مَشَايِخَ أَبْنَاءَ سَبْعِينَ وَثَمَانِينَ لاَ يُؤَخَذُ مِنْهُمْ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ دُونَهُمْ فِي السِنِّ فَيُزْدَحَمُ عَلَيْهِ».

اسم الکتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق المؤلف : السباعي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست