responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق المؤلف : السباعي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 103
والأزمنة، وقد بيَّنَهَا العُلَمَاءُ وَمَيَّزُوهَا من الأحاديث الصحيحة في هذا الموضوع.

رَابِعاً - القِصَصُ وَالوَعْظُ:
فقد تولى مهمة الوعظ قُصَّاصٌ أكثرهم لا يخافون الله. ولا يَهُمُّهُمْ سوى أن يبكي النَّاسُ في مجالسهم، وأن يتواجدوا وأن يعجبوا بما يقولون. فكانوا يضعون القصص المكذوبة وينسبونها إلى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال ابن قتيبة وهو يتكلم على الوجوه التي دخل منها الفساد على الحديث: «وَالْوَجْهُ الثَّانِي: القُصَّاصُ [عَلَى قَدِيمِ الأَيَّامِ]، فَإِنَّهُمْ يُمِيلُونَ وُجُوهَ الْعَوَامِّ إِلَيْهِمْ [وَيَسْتَدِرُّونَ] مَا عِنْدَهُمْ بِالمَنَاكِيرِ، [وَالْغَرِيبِ]، وَالأَكَاذِيبِ مِنَ الأَحَادِيثِ، وَمِنْ شَأْنِ العَوَامِّ، القُعُودُ عِنْدَ القَاصِّ، مَا كَانَ حَدِيثُهُ عَجِيبًا، خَارِجًا عَنْ [فِطَرِ] العُقُولِ، أَوْ كَانَ رَقِيقًا يُحْزِنُ [الْقُلُوبَ]، [وَيَسْتَغْزِرُ الْعُيُونَ]، فَإِذَا ذَكَرَ الْجَنَّةَ، قَالَ فِيهَا الْحَوْرَاءُ مِنْ مِسْكٍ، أَوْ زَعْفَرَانٍ، وَعَجِيزَتُهَا مِيلٌ فِي مِيلٍ. وَيُبَوِّئُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِيَّهُ قَصْرًا مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ، [فِيهِ] سَبْعُونَ أَلِفَ مَقْصُورَةٍ، فِي كُلِّ مَقْصُورَةٍ سَبْعُونَ أَلْفَ قُبَّةٍ ... فَلاَ يَزَالُ فِي [سَبْعِينَ] أَلْفَ كَذَا ... » [1].

ومن أمثلة هذا القسم «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ خَلَقَ اللهُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ طَيْرًا مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَرِيشُهُ مِنْ مَرْجَانَ» ومن عجيب أمر هؤلاء القُصَّاصِ جرأتهم على الكذب ووقاحتهم فيه، فَقَدْ صَلَّى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ. فَقَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قَاصٌّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ [عَنْ مَعْمَرٍ] عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله ... وَسَاقَ الحَديثَ السَّابِقَ. وَاسْتَمَرَّ يَذْكُرُ فِيهِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ وَرَقَةً. فَجَعَلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى، وَيحيى ينظر إِلَى أَحْمد. فَقَالَ: «أَنْتَ حَدَّثْتَهُ بِهَذَا؟» فَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِهَذَا إِلاَّ السَّاعَةَ». فَلَمَّا انْتَهَى أَشَارَ لَهُ يَحْيَى فَجَاءَ مُتَوَهِّمًا [لِنَوَالٍ يُجِيزُهُ]، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: «مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا [الحَدِيثِ]؟» فَقَالَ: «أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ». فَقَالَ: «أَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَهَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. مَا [سَمِعْنَا] بِهَذَا قَطُّ فِي حَدِيث رَسُول الله. فَإِن كَانَ لَا بُد وَالْكَذِبُ فَعَلى غَيْرِنَا». [فَقَالَ لَهُ]:

(1) " تأويل مختلف الحديث ": ص 357. [قارن بـ " تأويل مختلف الحديث " لابن قتيبة، تحقيق محمد محيى الدين الأصفر، ص 404 و405، الطبعة الثانية - مزيده ومنقحة 1419هـ - 1999م، نشر المكتب الاسلامي. بيروت - مؤسسة الإشراق. الدوحة].
اسم الکتاب : السنة ومكانتها للسباعي - ط الوراق المؤلف : السباعي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست