اسم الکتاب : الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 268
يبعد كثيراً عن الواقع الحقيقي، لهذا فإنَّ عجبي لا يكاد ينتهي من بعض علماء المصطلح من المتأخرين حينما
ينسبون للإمام البخاري القول بقبول الزيادة مطلقاً متعكزين على بعض النصوص الواردة عنه، ولبيان ذلك أقول:
أطلق البخاري عبارة " الزيادة من الثقة مقبولة " مرة واحدة، ونص الحافظ ابن حجر على أنه قبول زيادة الثقة الحافظ [1] وذلك في حديث (1483):"حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عشريا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر".
وعقّبه في (1484) فقال: حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا مالك قال حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
" ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة ولا في أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة ولا في أقل من خمس أواق من الوَرِق صدقة ".
قال أبو عبد الله:"هذا تفسير الأول إذا قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ويؤخذ أبداً في العلم بما زاد أهل الثبت أو بينوا ".
قال أبو عبد الله:"هذا تفسير الأول لأنه لم يوقت في الأول يعني حديث ابن عمر وفيما سقت السماء العشر وبين في هذا ووقت والزيادة مقبولة والمفسر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثبت كما روى الفضل بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل في الكعبة وقال بلال: قد صلى فأخذ بقول بلال وترك قول الفضل ".
أقول: وقد اختلف رواة صحيح البخاري في موقع هذا الكلام هل هو عقب حديث ابن عمر أم حديث أبي سعيد الخدري [2]، وهذا كله لا يعنينا هنا، وإنما الذي [1] فتح الباري 3/ 445. [2] في نسخة الفتح - هذه - عقب حديث ابن عمر. وقد رجح ابن حجر أنه عقب حديث أبي سعيد فقال في فتح الباري 3/ 445:" وقوله قال أبو عبد الله هذا تفسير الأول الخ هكذا وقع في رواية أبي ذر هذا الكلام عقب حديث ابن عمر في العشري ووقع في رواية غيره عقب حديث أبي سعيد المذكور في الباب الذي بعده وهو الذي وقع عند الإسماعيلي أيضا وجزم أبو علي الصدفي بأن ذكره عقب حديث ابن عمر من قبل بعض نساخ الكتاب انتهى ولم يقف الصغاني على اختلاف الروايات فجزم بأنه وقع هنا في جميعها قال: وحقه أن يذكر في الباب الذي يليه قلت ولذكره عقب كل من الحديثين وجه لكن تعبيره بالأول يرجح كونه بعد حديث أبي سعيد لأنه هو المفسر للذي قبله وهو حديث ابن عمر فحديث ابن عمر بعمومه ظاهر في عدم اشتراط النصاب وفي إيجاب الزكاة في كل ما يسقى بمؤونة وبغير مؤونة ولكنه عند الجمهور مختص بالمعنى الذي سيق لأجله وهو التمييز بين ما يجب فيه العشر أو نصف العشر بخلاف حديث أبي سعيد فإنه مساق لبيان جنس المخرج منه وقدره فأخذ به الجمهور عملاً بالدليلين كما سيأتي بسط القول فيه بعد إن شاء الله تعالى وقد جزم الإسماعيلي بأن كلام البخاري وقع عقب حديث أبي سعيد ودل حديث الباب على التفرقة في القدر المخرج الذي يسقى بنضح أو بغير نضح فإن وجد ما يسقى بهما فظاهره أنه يجب فيه ثلاثة أرباع العشر إذا تساوى ذلك وهو قول أهل العلم قال ابن قدامة لا نعلم فيه خلافاً وإن كان أحدهما أكثر كان حكم الأقل تبعا للأكثر نص عليه أحمد وهو قول الثوري وأبي حنيفة واحد قولي الشافعي والثاني يؤخذ بالقسط ويحتمل أن يقال إن أمكن فصل كل واحد منهما أخذ بحسابه وعن ابن القاسم صاحب مالك العبرة بما تم به الزرع ". انتهى فرجّح ابن حجر أنّه يخص حديث أبي سعيد وإن كان لذكره عقب كل حديث منهما وجه، والذي أراه والله أعلم أنَّه يخص الحديث الثاني حديث أبي سعيد لأن الكلام واضح عن ترتيب الحديثين والثاني هو الذي يفسر.
اسم الکتاب : الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 268