اسم الکتاب : الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 152
الفصل الثالث
زيادة الثقة
يعد هذا المبحث "زيادة الثقة" من أصعب مباحث علوم الحديث، وتنبعث أهميته من كثرة الزيادات التي يزيدها الرواة الثقات في الأحاديث وما يترتب عليها من زيادة حكم أو تخصيص عام، أو تقييد مطلق، والإشكال يقع في قبول تلك الزيادة أو ردها؟ فهم ثقات والتوثيق مظنة لقبولها، والانفراد عن بقية الرواة مظنة الخطأ والخطأ وارد من الثقات ومن دونهم.
وتنازع العلماء في ذلك بين قابل للزيادة مطلقاً وآخر راد لها مطلقاً والآخر يشترط شروطاً لها والآخر يتوقف فيها ... وهكذا وقد ألصق الكثير من المتأخرين بالمتقدمين القول بأنها مقبولة وادعوا على ذلك إجماعاً كما سيأتي، وهذا النوع من العلوم الصعبة التي يعز من يتقنها، قال الحاكم:"وهذا مما يعز وجوده ويقل في أهل الصنعة من يحفظه ... " [1].
وصورة زيادة الثقة هي: أن يروى جماعة من الرواة حديثاً واحداً بإسناد واحد ومتن واحد فيزيد بعضهم فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة [2].
والزيادة إما أنْ تكون في المتن أو في السند.
ولنستقرئ آراء أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين لنرى مدى موافقة الأواخر للأوائل في مفهوم "زيادة الثقة" وسنقرن الأقوال بالتطبيق العملي في مصنفاتهم، وعللهم ليتبين لنا الأمر بوضوح إن شاء الله تعالى.
المبحث الأول: تعريف زيادة الثقة لغة واصطلاحاً:
الزيادة في أصل اللغة: مصدر زاد يزيد زيداً، وهي النماء والكثرة، خلاف النقص، وتطلق الزيادة على معان، منها: التكليف يقال: تزيد في كلامه، وتزودت الإبل أي تكلفت. ومنها الراوية: إذ سميت مزادة، وهي تكون من جلدين يزاد بينهما بجلد ثالث [1] معرفة علوم الحديث ص130. [2] انظر شرح علل الترمذي، ابن رجب 2/ 635.
اسم الکتاب : الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين المؤلف : المحمدي، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 152