اسم الکتاب : دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين - ط مكتبة السنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 257
من العدل إلا وله هنات، ثم مَنْ مِنَ الحكام والأمراء من يكون مَرْضِيًّا عنه غاية الرضا من كل الرعية؟! والناس شأنهم كما قال الله: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [1].
والمراد بإعطائهم حقهم، أن يعطوهم ما ألزمهم به الشارع الحكيم نحوهم من حق خاص أو عام، كحق الزكاة والخروج في الجهاد، والإنفاق في سبيل الله، وتمكينهم من تنفيذ الأحكام، وإقامة الحدود، والسمع والطاعة لهم ما لم يروا كُفْرًا بَوَاحًا عندهم من الله فيه برهان، والمراد بقوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَالعَدْلَ وَتَسْأَلُونَ اللهَ الذِي لَكُمْ " أي تسألون الله - عَزَّ وَجَلَّ - أن يوفي الحق الذي لكم من الغنيمة والفيء، ونحوهما مما هو من حقوق الرعية على الراعي، ولا تقاتلوهم لاستيفاء حقكم، وكلوا أمرهم، إلى الله، وسينتصر الله تعالى لكم، ويقضي عليهم.
وهذا المعنى الذي أراده النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الحديث غير المعني الذي أراد السيد المسيح - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله: «أُعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ، وَمَا للهِ للهِ» [2]. ولو سلمنا أنه هو فليس بلازم أن يكون مأخوذا منه، فكل من نبينا محمد - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - والسيد المسيح - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - نبي يوحى إليه من ربه، ويكون من الأمور التي توافقت فيها الشرائع وبحسبنا ما ذكرته آنفا في هدم الأساس الذي بنى عليه " جولدتسيهر " دعاواه، وادعاءاته وأما حديث «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهَا بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ» فقد رواه الإمام أحمد والترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد قال فيه الترمذي: حديث حسن صحيح، وقد قلت: إنه من الجائز جِدًّا أن تتوافق بعض الشرائع في مثل هذا وهو تكريم الفقراء، وبيان فضلهم، وذلك بشرط إيمانهم وصلاحهم، وتقواهم، واستقامتهم وتحملهم الشدائد، وصبرهم على المكاره، وإلا فالأغنياء الشاكرون مقدمون عليهم. [1] [سورة التوبة، الآية: 58]. [2] مما ينبغي أن يعلم أن الغربيين يستدلون بهذا القول على الفصل بين الدين والدولة. وهذا إن جاز وفي غير الإسلام فلن يجوز ذلك في دين الإسلام الذي جاء بكل ما يسعد العباد في دينهم ودنياهم وما من شأن من شؤون الدولة من معاملات، وسياسات، واقتصاديات، ومعاهدات، وولايات، وزراعات، وصناعات، وتجارات ... إلا ونجد ذلك مبينًا في القرآن الكريم، أو السنة النبوية.
مُنَافِقًا [1] - قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ [2]، تَحْتَ رَعُوفَةٍ [3] فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ " قَالَتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ، فَقَالَ: «هَذِهِ البِئْرُ الَّتِي أُرِيتُهَا [4]، وَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا [5] رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ» قَالَ: فَاسْتُخْرِجَ [6]، قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَفَلاَ - أَيْ تَنَشَّرْتَ؟ [7] - فَقَالَ: «أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا».
وقد روى الإمام البخاري حديث السحر في كتب وأبواب أخرى من " صحيحه " (*): وراه في كتاب (بدء الخلق) باب 17. وفي (كتاب الأدب) باب 56. وفي (كتاب الدعوات) باب 57، تكرير الدعاء. ورواه البخاري في (كتاب الأدب) عن شيخه الحميدي، عن سفيان بن عيينة تخريج الحديث. وقد روى حديث سحر [1] لا خلاف بين قوله هذا: «مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفٌ لِيَهُودَ» وبين قوله في رواية أبي أسامة عن هشام: قال: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ اليَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ». لأنه كان من اليهود أصلاً فيكون حليفًا لبني زريق فنسب إليهم، وإن كان من بني زريق أصلاً فلهم في اليهود حلف في الجاهلية، فلما جاء الإسلام نبذ الأنصار حلفهم وبذلك تتوافق الروايات ولا تتخالف. [2] الطلع أو الطلعة هو ما يكون في جوز الخف أو الخف وهو ما يعرف في اللغة بالكُفَرِيِّ فيؤخذ من طلع الذكر ويوضع على طلع النخلة الأنثى فيثمر بإذن الله تعالى وإلا كان شيصًا، وذكر: صفة لجف لأن هذا الوعاء يقال للنخلة الذكر وللنخلة الأنثى. [3] رَعُوفَةٌ:، ويقال: رَاعُوفَةٌ بزيادة الألف. قال أبو عبيد: هي صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت يجلس عليها الذي ينظف البئر وهي أولى من قول بعضهم: حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه ليجلس عليه المستقي. [4] أُرِيتُهَا: يعني في المنام، ورؤيا الأنبياء وحي. [5] في الكلام محذوف، والتقدير: وكأن رؤوس نخلها. [6] كذا في رواية ابن عيينة وفيها اَيْضًا: «حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ» وفي رواية ابن نمير عند " مسلم "، وفي رواية أبي أسامة عن " الشيخين " أنه لم يستخرج وقد رجح ابن بطال رواية ابن عيينة لأنه أحفظ وأضبط، ثم قال: ويحتمل أن يكون المراد بالاستخراج المثبت هو استخراج الجف، وبالاستخراج المنفي ما كان في وسط الجف، ويعكر على هذا أن في بعض الروايات أنهم استخرجوا ما في الجف وكان فيه تمثال من شمع للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبه عقد وإبر مغروزة، والذي يترجح عندي - واللهُ أَعْلَمُ - أن المثبت هو استخراج الجف وما فيه، والاستخراج المنفي عدم إشاعته وإعلانه بين الناس حتى لا يثير بينهم شَرًّا وهو أولى من جمع ابن بطال، ولا يرد عليه أي اعتراض. [7] تنشرت أي استعملت النشرة، بضم النون وسكون الشين المعجمة وهي ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحر أو مَسًّا من الجن، وقد أجمعت الروايات على أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يستعملها.
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) انظر: " دليل القارئ إلى مواضع الحديث في صحيح البخاري " للشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان، ص 239، (1108) - 20 من حديث عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، الطبعة الثانية: 1404 هـ - 1984 م نشر مؤسسة الرسالة. بيروت - لبنان.
اسم الکتاب : دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين - ط مكتبة السنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 257