اسم الکتاب : دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين - ط مكتبة السنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 226
لجاز ذلك في أمور الدين فهذا مردود بما قدمناه في بيان المراد من الحديث وأن السحر أثر في جسمه لا في عقله ولو سلمنا لهم ما تدل عليه الرواية بحسب ظاهرها لما تم لهم ما قالوا، لأن قياس أمور الوحي والرسالة على أمور الدنيا قياس مع الفارق، فإنه بالنسبة لأمور الدين معصوم من الخطأ والتغيير والتبديل ولا عصمة له في أمور الدنيا فللرسول اعتباران: اعتبار كونه بَشَرًا، واعتبار كونه رسولاً، فبالاعتبار الأول يجوز عليه ما يجوز على سائر البشر ومنه أن يسحر، وبالاعتبار الثاني لا يجوز عليه ما يخل بالرسالة لقيام الدليل على العصمة منه، ثم ما رأى المنكرين للحديث فيما ثبت في القرآن الكريم منسوبًا إلى موسى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - من أنه تخيل في حبال السحرة وعصيهم أنها حيات تسعى، فهل ينكرون القرآن المتواتر؟ وإذا كان لا مناص لهم من التسليم بما جاء به القرآن فلم اعتبروا التخيل في حديث السحر منافيًا للعصمة ولم يعتبروه في قصة موسى - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - منافيًا للعصمة؟
لقد شاء الله - سُبْحَانَهُ - أن يبتلي أنبياءه بشتى أنواع الابتلاء ليعلم الناس أنهم بشر مثلهم فلا يرفعوهم إلى مقام الألوهية، وليزداد ثواب الأنبياء وتعظم منازلهم عند الله بما يقاسون في سبيل تبليغ الدين والرسالات.