فها أنت ذا ترى أن كون الشك من أبي هريرة ليس مقطوعًا به لجواز أن يكون أحد الرواة - في رواية النسائي - وَهِمَ فنسب النسيان إلى أبي هريرة ولو سلمنا كون الشك منه فلعل هذا مِمَّا سمعه قبل قصة بسط الثوب.
حَدِيثُ الشِّعْرِ وَتَحْقِيقُ الحَقِّ فِيهِ:
وأما حديث أبي هريرة أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا وَدَمًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا»، قالت عائشة: لَمْ يَحْفَظْ إِنَّمَا قَالَ: «مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا هُجِيتُ بِهِ»، فليس للمؤلف فيه أية وجهة حق، وإنما هي خطفة خطفها من بعض الكتب دون تحقيق.
وإليك الحق في هذا:
1 - إن الحديث باللفظ الذي زعم أن عائشة اعترضت عليه قد رواه البخاري في " صحيحه " عن أبي هريرة وعن ابن عمر مرفوعين [1] ورواه مسلم في " صحيحه " عن أبي هريرة وعن سعد بن أبي وقاص وعن أبي سعيد الخُدري فها أنت ذا ترى أن أبا هريرة لم ينفرد به، بل وافقه عليه ثلاثة من الصحابة مِمَّا يبعد - إن لم يحل - تعقب السيدة عائشة له بأنه لم يحفظ.
2 - إن هذه الرواية غير ثابتة من جهة الرواية، ولا هي صحيحة من جهة الدراية.
أما الأول فلما قاله الحافظ في " الفتح " - بعد أن ذكر أن هذه الزيادة جاءت عن الشَعْبِيِّ مرسلة والمرسل لا يحتج به قال: «[2] وَقَدْ وَقَعَ لَنَا ذَلِكَ مَوْصُولاً مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، فَعِنْدَ [أَبِي يَعْلَى] مِنْ حَدِيث جَابِر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور " قَيْحًا أَوْ
(1) " فتح الباري ": ج 10 ص 451.
(2) " فتح الباري ": ج 10 ص 452.
اسم الکتاب : دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين - ط مكتبة السنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 144