responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 60
من هنا ينبغي التدقيق البالغ في فهم الحديث إذا صح ثبوته عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والحذر كل الحذر مِنْ رَدِّهِ بمجرد استبعادات عقلية قد يكون الخطأ كامنًا فيها ذاتها.

مَوْقِفُ عَائِشَةَ مِنْ بَعْضِ الأَحَادِيثِ:
وأوضح مثل لذلك بعض ما جاء عن عائشة أم المؤمنين - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -.
فقد أنكرت بعض الأحاديث لظنها أنها مخالفة للقرآن , أو للأصول الثابتة من الإسلام , أو غير ذلك , في حين أنها أحاديث رواها صحابة لا يشك في صدقهم ولا في ضبطهم , ومعناها صحيح.
خذ مثلا حديث (الهِرَّةِ) وما جاء من عقوبة على تعذيبها حتى ماتت , فقد روى الإمام أحمد , عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: «كُنَّا [جُلُوسًا] عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَتْ: أَنْتَ الذِي تُحَدِّثُ أَنَّ امْرَأَةً عُذِّبَتْ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا! فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: هَلْ تَدْرِي مَا كَانَتِ المَرْأَةُ؟ إِنَّ المَرْأَةَ مَعَ مَا فَعَلَتْ كَانَتْ كَافِرَةً، وَإِنَّ المُؤْمِنَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ أَنْ يُعَذِّبَهُ فِي هِرَّةٍ!، فَإِذَا حَدَّثْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ»! [1].

أنكرت عائشة أم المؤمنين على أبي هريرة تحديثه بهذا الحديث بصيغته، وحسبت أنه لم يضبط لفظه حين سمعه من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وحجة عائشة أنها تستكثر أَنْ يُعَذَّبَ إنسان مؤمن من اجل هرة! وأن المؤمن أكرم على الله من أن يدخله النار من أجل حيوان أعجم!.

وغفر الله لعائشة , لقد غفلت عن شيء هنا في غاية الأهمية , وهو ما يدل عليه العمل. إن حبس الهرة حتى تموت جُوعًا , لهو برهان ناصع على جمود قلب تلك المرأة وقسوتها على مخلوقات الله الضعيفة , وأن أشعة الرحمة لم تنفذ إلى حناياها. ولا يدخل الجنة إلا رحيم ,. ولا يرحم الله إلا الرحماء , فلو رحمت من في الأرض لرحمها من في السماء.

[1] أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (ج 10/ 190) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. اهـ. أما دخول المرأة النار بسبب حبس الهرة فقد رواه عن أبي هريرة الشيخان وغيرهما، انظر " صحيح الجامع الصغير ": (3374).
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست