responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 27
مَنْهَجٌ مُتَوَازِنٌ:
وهو منهج يتميز كذلك بالتوازن , فهو يوازن بين الروح والجسم , وبين العقل والقلب , وبين الدنيا والآخرة , وبين المثال والواقع , وبين النظر والعمل , وبين الغيب والشهادة , وبين الحرية والمسؤولية , وبين الفردية والجماعية , وبين الاتباع والابتداع ...

فهو منهج وسط لأمة وسط، لا طغيان فيه ولا إخسار، {أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 8، 9].

ولهذا كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا لمح من بعض أصحابه جُنُوحًا إلى الإفراط أو التفريط , ردهم بقوة إلى الوسط , وحذرهم من مغبة الغلو والتقصير.

ولهذا أنكر على الثلاثة الذين سألوا عن عبادته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكأنهم تَقَالُّوهَا , ولم تشبع نهمهم إلى التعبد , وعزم أحدهم أن يصوم الدهر فلا يفطر , والآخر أن يقوم الليل فلا يرقد , والثالث أن يعتزل النساء , فلا يتزوج , وقال حين بلغه قالتهم: «[أَمَا وَاللَّهِ] إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، [وَأُصَلِّي] وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» [1].

ولما رأى مبالغة عبد الله بن عمر في الصيام والقيام والتلاوة , رده إلى الاعتدال قائلاً: «إِنَّ [لِجَسَدِكَ] عَلَيْكَ حَقًّا (أي في الراحة) وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا (أي في النوم) وَ [إِنَّ لِزَوْجِكَ] عَلَيْكَ حَقًّا (أي في الإمتاع والمؤانسة) , وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» [2] (أي في الإكرام والمشاركة) يعني فأعط كل ذي حق حقه.

وكان هو - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو المثل الأعلى في التوازن والاعتدال في حياته كلها، كما دلت على ذلك سنته وسيرته مع ربه، ومع نفسه، ومع أهله، ومع أصحابه، ومع الناس أجمعين [3].

وكان أكثر ما يدعو به الدعاء القرآني: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].

وكان من دعائه: «اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ

[1] رواه البخاري ومسلم عن أنس.
[2] رواه البخاري ومسلم في كتاب الصوم عن عبد الله بن عمرو.
[3] انظر في ذلك: كتابنا " الحياة الربانية والعلم ": ص 53 - 65.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست