responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 188
وقد روي بأكثر من صيغة , ولكن تأوله بعض الشراح أن المراد قطع سدر الحرم , مع أن كلمة (سِدْرَةً) هنا نكرة في سياق الشرط , فتعم كل سدرة , ولكنهم وجدوا الوعيد شديدًا , فقصروه على سدر الحرم.

والذي أميل إليه أن الحديث ينبه على أمر مهم يغفل عنه الناس , وهو أهمية الشجر ـ وخصوصًا السدر في بلاد العرب ـ لما وراءه من انتفاع الناس بظله وثمره , ولا سيما في البرية , فقطع هذا السدر يمنع عن مجموع الناس خيرًا كثيرًا , وهو يدخل الآن فيما يسميه العالم المعاصر (المحافظة على الخضرة وعلى البيئة) وقد غدا أمرًا من الأهمية بمكان , وألفت له جماعات وأحزاب , وعقدت له ندوات ومؤتمرات.

وقد رجعت إلى " سنن أبي داود " , فوجدت فيه: سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ فَقَالَ: «هَذَا الحَدِيثُ مُخْتَصَرٌ، يَعْنِي مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلاَةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ، وَالبَهَائِمُ عَبَثًا، وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا، صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ». اهـ.

والحمد لله , فقد تطابق ما كنت أحسبه فهمًا لي , وتفسير الإمام أبي داود.

وبهذا الحديث وغيره سبق الإسلام دعاة المحافظة على البيئة، والمحافظة على الخضرة والأشجار، وأدخل ذلك ضمن السلوك الديني للمسلم، الذي أرجو الجنة ويخاف النار.

تَأْوِيلاَتٌ مَرْفُوضَةٌ:
من التأويلات المرفوضة تأويلات الباطنية التي لا دليل عليها من العبارة ولا من السياق , كقول من قال منهم في حديث «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» [1] المراد بالسحور هنا: الاستغفار!

ولا ريب أن الاستغفار بالأسحار من أعظم ما حث عليه القرآن والسنة ولكن كونه المراد بالحديث هنا اعتساف مردود على قائله.

ولا سيما وقد جاءت الأحاديث الأخرى توضح المراد بيقين مثل قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نِعْمَ السُّحُورُ التَّمْرُ» [2].

[1] متفق عليه من حديث أنس كما في " اللؤلؤ والمرجان ": (665).
[2] رواه ابن حبان وأبو نعيم في " الحلية " والبيهقي في " السنن " عن أبي هريرة، وذكره في " صحيح الجامع الصغير ".
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست