responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 186
فكل من له عقل يفهم أن حقيقة الجنة ليست عند رِجْلِ الأُمِّ , إنما يفهم أن بر الأم ورعايتها من أوسع الأبواب المؤدية إلى جنات النعيم.

وقد حكى عن بعض الصالحين أنه تأخر عن إخوانه يومًا , فسألوه عن ذلك فقال: «كُنْتُ أُمَرِّغُ خَدِّي فِي رِيَاضِ الجَنَّةِ , فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ»!
ولم يفهم إخوانه منه إلا أنه كان في خدمة أمه وحياطتها , مبتغيًا بذلك مثوبة الله تعالى وجنته.

حديث: «النِّيلُ وَالفُرَاتُ مِنْ الجَنَّةِ»:
وحدثني الأستاذ مصطفى الزرقاء أن أستاذًا كبيرًا من أعلام القانون الوضعي في مصر , بل في العالم العربي , قال له يوما: إنه اشترى كتاب " صحيح البخاري " ثم فتحه مرة فوقع نظره على حديث يقول: «النِّيلُ وَالفُرَاتُ وَسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ» (*).

ولما كان الأستاذ يرى ذلك مخالفًا للواقع ـ إذ أن منابع هذه الأنهار معروفة لكل دارس , فهي نابعة من الأرض وليست من الجنة , فقد أعرض عن كتاب البخاري كله , ولم يفكر في مجرد تصفحه بعد , نتيجة لهذا الوهم الذي استقر في رأسه.

ولو تواضع هذا الرجل قليلاً , ورجع إلى أحد شراح " البخاري " , أو سأل أحد العلماء المتضلعين من معاصريه , لبان له الحق كالصبح لذي عينين , ولكن الكِبْرَ من أعظم الحجب عن رؤية الحقيقة.

وحسبي هنا أن أنقل رأي إمام من أئمة الثقافة الإسلامية في معنى الحديث وتفسيره عنده , وهو الإمام ابن حزم.

وإنما اخترت ابن حزم , لأنه ـ كما هو معلوم ـ فقيه ظاهري , يؤمن بحرفية النصوص , والأخذ بظواهرها , دون نظر إلى العلل والمناسبات. ولكنه يؤمن بأن لغة العرب فيها الحقيقة والمجاز.
فلننظر ماذا يقول في هذا الحديث:
ذكر ابن حزم هنا الحديث الصحيح «سَيْحَانُ، وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ، وَالنِّيلُ، كُلٌّ مِنْ

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) لم يرد ذكر نهري سيحون وجيحون في " الجامع الصحيح " للإمام البخاري - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست