responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 168
إلى ادعاء العلم بالغيب (التنجيم) , وكان بعضهم يدعي ذلك فعلاً , فأساء إلى نفسه وإلى علمه , والفقهاء معذورون , ومن كان من الفقهاء والعلماء يعرف هذه العلوم لم يكن بمستطيع أن يحدد موقفها الصحيح بالنسبة إلى الدين والفقه , بل كان يشير إليها على تخوف.

هكذا كان شأنهم , إذ كانت العلوم الكونية غير ذائعة ذيعان العلوم الدينية وما إليها , ولم تكن قواعدها قطعية الثبوت عند العلماء.

وهذه الشريعة الغراء السمحة , باقية على الدهر , إلى أن يأذن الله بانتهاء هذه الحياة الدنيا , فهي تشريع لكل أمة , ولكل عصر , ولذلك نرى في نصوص الكتاب والسنة إشارات دقيقة لما يستحدث من الشؤون , فإذا جاء مصداقها فسرت وعلمت , وإن فسرها المتقدمون على غير حقيقتها.
وقد أشير في السنة الصحيحة إلى ما نحن بصدده , فروى البخاري من حديث ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا»، يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ [1].

ورواه مالك في " الموطأ " [2] والبخاري ومسلم وغيرهما بلفظ: «الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ، فَاقْدُرُوا لَهُ».

وقد أصاب علماؤنا المتقدمون - رَحِمَهُمْ اللهُ - في تفسير معنى الحديث , وأخطأوا في تأويله , ومن أجمع قول لهم في ذلك قول الحافظ بن حجر [3]: «وَالمُرَادُ بِالحِسَابِ هُنَا حِسَابُ النُّجُومِ وَتَسْيِيرِهَا وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إِلاَّ النَّزْرَ اليَسِيرَ. فَعَلَّقَ الحُكْمَ بِالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ بِالرُّؤْيَةِ لِرَفْعِ الحَرَجِ عَنْهُمْ فِي مُعَانَاةِ حِسَابِ التَّسْيِيرِ، وَاسْتَمَرَّ الحُكْمُ فِي الصَّوْمِ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ. بَلْ ظَاهِرُ السِّيَاقِ يُشْعِرُ بِنَفْيِ تَعْلِيقِ الحُكْمِ بِالحِسَابِ أَصْلاً. وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ فِي الحَدِيثِ المَاضِي: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ " وَلَمْ يَقُلْ: فَسَلُوا أَهْلَ الحِسَابِ وَالحِكْمَةُ فِيهِ كَوْنُ العَدَدِ عِنْدَ الإِغْمَاءِ يَسْتَوِي فِيهِ المُكَلَّفُونَ، فَيَرْتَفِعُ الاِخْتِلاَفُ وَالنِّزَاعُ عَنْهُمْ وَقَدْ

[1] رواه البخاري في كتاب الصوم.
(2) " الموطأ ": (ج 1 ص 269).
(3) " فتح الباري ": (ج 4، ص 108، 109).
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست