responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 126
بالتساهل , بل هو أميل إلى الأخذ بالعزائم والأحوط كما يعرف الدارسون يقول ([1]):
وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (المُسْبِلِ إِزَارَهُ) فمعناه المرخي له الجار طرفه خيلاء , كما جاء مفسرًا في حديث الآخر «لاَ يَنْظُرُ اللهُ، [يَوْمَ القِيَامَةِ]، إِلَى مَنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ» وَالخُيَلاَءُ: الكِبْرُ: وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل إزاره ويدل على المراد بالوعيد من جره خيلاء , وقد رخص النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك لأبي بكر الصديق - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وقال: «لَسْتَ مِنْهُمْ» إذ كان جره لغير الخيلاء.

وقال الحافظ ابن حجر في شرحه للأحاديث التي رواها البخاري في الوعيد على إسبال الإزار وجر الثوب:
«وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ: أَنَّ إِسْبَالَ الإِزَارِ لِلْخُيَلاَءِ كَبِيرَةٌ وَأَمَّا الإِسْبَالُ لِغَيْرِ الخُيَلاَءِ فَظَاهِرُ الأَحَادِيثِ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا لَكِنِ اسْتُدِلَّ بِالتَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ بِالخُيَلاَءِ عَلَى أَنَّ الإِطْلاَقَ فِي الزَّجْرِ الوَارِدِ فِي ذَمِّ الإِسْبَالِ مَحْمُولٌ عَلَى المُقَيَّدِ هُنَا فَلاَ يَحْرُمُ الجَرُّ وَالإِسْبَالُ إِذَا سَلِمَ مِنَ الخُيَلاَءِ.
قَالَ الحَافِظُ الفَقِيهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: " مَفْهُومُهُ أَنَّ الجَرَّ لِغَيْرِ الخُيَلاَءِ لاَ يَلْحَقُهُ الوَعِيدُ، إِلاَّ أَنَّ جَرَّ القَمِيصِ وَغَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ مَذْمُومٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ "» [2].

يؤكد هذا الاتجاه في تقييد الإسبال المتوعد عليه بقصد الخيلاء: أن الوعيد المذكور في الأحاديث وعيد شديد , حتى جعل (المُسْبِلَ) أحد ثلاثة «لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» وحتى إن النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - ليكرر ذلك الوعيد ثلاثًا , مما جعل أبا ذر من هول الوعيد المتكرر يقول: «خَابُوا وَخَسِرُوا!، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟!» وهذا كله يدل على أن عملهم من موبقات الذنوب , وكبائر المحرمات. وهذا لا يكون إلا في الأشياء التي تمس (المصالح الضرورية) التي جاءت الشريعة لإقامتها والحفاظ عليها: في الدين والنفس والعقل والعرض والنسب والمال. وهي المقاصد الأساسية لشريعة الإسلام.

[1] المصدر نفسه: ج 1 ص 305.
(2) " فتح الباري ": ج 10/ 263.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية - ط الشروق المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست