responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 95
ومن هنا نقف وقفة الإعجاب للإمام أبي بكر بن العربي رأس المالكية في عصره , فقد شرح هذه الآية في كتابه "أحكام القرآن " وَبَيَّنَ مذاهب الفقهاء الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد , فيما يجب إخراجه من نبات الأرض وما لا يجب , ومنها مذهبه , أي مذهب إمامه مالك , ولكنه ـ لإنصافه ورسوخه ـ ضَعَّفَهَا جَمِيعًا , ثم قال: «وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَجَعَلَ الآيَةَ مِرْآتَهُ فَأَبْصَرَ الحَقَّ، وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي المَأْكُولِ قُوتًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: " فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ العُشْرُ "».
«فَأَمَّا قَوْلُ أَحْمَدَ: إنَّهُ فِيمَا يُوسَقُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ صَدَقَةٌ "، فَضَعِيفٌ؛ لأَنَّ الذِي يَقْتَضِي ظَاهِرَ الحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ مُعْتَبَرًا فِي الثَّمَرِ وَالحَبِّ. فَأَمَّا سُقُوطُ الحَقِّ عَمَّا عَدَاهَا فَلَيْسَ فِي قُوَّةِ الكَلاَمِ. وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِالقُوتِ (يعني الشافعية) فَدَعْوَى وَمَعْنَى لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَرْجِعُ إلَيْهِ؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ المَعَانِي مُوجِبَةً لأَحْكَامِهَا بِأُصُولِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ (القِيَاسِ).
وَكَيْفَ يَذْكُرُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ النِّعْمَةَ فِي القُوتِ وَالفَاكِهَةِ، وَأَوْجَبَ الحَقَّ مِنْهَا كُلِّهَا فِيمَا تَنَوَّعَ حَالُهُ كَالكَرْمِ وَالنَّخِيلِ، وَفِيمَا تَنَوَّعَ جِنْسُهُ كَالزَّرْعِ، وَفِيمَا يَنْضَافُ إلَى القُوتِ مِنْ الاِسْتِسْرَاجِ الَّذِي بِهِ تَمَامُ النِّعْمَةِ فِي المَتَاعِ بِلَذَّةِ البَصَرِ إلَى اسْتِيفَاءِ النِّعَمِ فِي الظُّلَمِ».

ثم قال ابن العربي:
«فَإِنْ قِيلَ: فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ خُضَرِ المَدِينَةِ وَلاَ خَيْبَرَ؟.
قُلْنَا: كَذَلِكَ عَوَّلَ عُلَمَاؤُنَا، وَتَحْقِيقُهُ: أَنَّهُ عَدَمُ دَلِيلٍ لاَ وُجُودُ دَلِيلٍ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَخَذَهَا لَنُقِلَ.
قُلْنَا: وَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى نَقْلِهِ، وَالقُرْآنُ يَكْفِي عَنْهُ». [2]. اهـ.

وأما الحديث الذي يروى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي الخَضْرَوَاتِ صَدَقَةٌ». فضعيف الإسناد لا يحتج بمثله , فضلاً عن أن يخصص به عموم القرآن والأحاديث

[2] انظر " أحكام القرآن " لابن العربي، ط. عيسى الحلبي، القسم الثاني: ص 749 - 752.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست