اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 180
ثم لا يزال هذا التبدل يتسع , مع تغير الزمان , وتبدل المكان , وتطور الإنسان , إلى أن تصبح الشقة بعيدة بين المدلول الشرعي الأصلي للفظ , والمدلول العرفي أو الاصطلاحي الحادث المتأخر , وهنا ينشأ الغلط وسوء الفهم غير المقصود , كما ينشأ الانحراف والتحريف المتعمد.
وهو ما حذر منه الجهابذة والمحققون من علماء الأمة: أن تنزل الألفاظ الشرعية على المصطلحات المستحدثة على مر العصور.
ومن لم يراع هذا الضابط يقع في أخطاء كثيرة , كما نرى في عصرنا.
خذ مثلا كلمة (تصوير) التي جاءت في صحاح الأحاديث المتفق عليها , ما المراد بها في الأحاديث التي توعدت المصورين بأشد العذاب؟
إن كثيرًا من المشتغلين بالحديث والفقه يدخلون تحت هذا الوعيد أولئك الذين نسميهم في عصرنا (المصورين) من كل من يستخدم تلك الآلة التي تسمى (الكاميرا) ويلتقط هذا (الشكل) الذي يسمى (صورة).
فهل هذه التسمية , تسمية صاحب الكاميرا (مُصَوِّرًا) , وتسمية عمله (تَصْوِيرًا) تسمية لغوية؟
لا يزعم أحد أن العرب حين وضعوا الكلمة خطر ببالهم هذا الأمر , فهي إذن ليست تسمية لغوية.
ولا يزعم أحد أن التسمية تسمية شرعية , لأن هذا اللون من الفن لم يعرف في عصر التشريع , فلا يتصور أن يطلق عليه لفظ مصور وهو غير موجود.
فمن سماه مصورًا , وسمى عمله تصويرًا إذن؟
إنه العرف الحادث , إنه نحن , أو أجدادنا الذين ظهر هذا الفن في زمانهم , وأطلقوا عليه اسم التصوير (الفوتوغرافي).
وكان يمكن أن يسموه شيئًا آخر يصطلحون عليه , كان يمكن أن يسموه (العكس) ويسموا من يقوم به (العكاس) كما يقول ذلك أهل قطر والخليج , فإن أحدهم يذهب إلى (العكاس) ويقول له: أريد أن (تعكسني) ويقول له: متى
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف الجزء : 1 صفحة : 180