responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 176
(الرَّاكِبُ الجَوَادَ المضمَّرَ السَّرِيعَ) ولا يعلم إلا الله النسبة بين الزمن في دنيانا , والزمن عند الله , وفي القرآن: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47].

وإذا صح الحديث لم يسعنا إلا أن نقول مطمئنين: آمنا وصدقنا , موقنين أن للآخرة قوانينها الخاصة المخالفة لقوانين هذه الدنيا. حتى قال ابن عباس: «لَيْسَ فِي الجَنَّةِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ الأَسْمَاءَ!».

ومثل ذلك ما جاء في عذاب أهل الكفر في النار , مثل ضخامة ضرس الكافر , وَبُعْدُ ما بين منكبيه , وغلظ جلده , فالتسليم بها هو الأسلم والبحث في تفصيلها لا طائل تحته.

كما أن الداعية الموفق لا يشغل عقول قرائه أو مستمعيه بهذا النوع من الأحاديث التي من شأنها أن تثير إشكالات عند العقل المعاصر , ولا يتوقف على العلم بها صلاح دين ولا سعادة دنيا , إنما تذكر في مناسبتها عند الاقتضاء.

وأولى ما يشغل به المسلم نفسه أن يسأل الله الجنة , وما قرب إليها من قول وعمل , وأن يستعيذ به من النار , وما قرب إليها من قول وعمل , وأن يسلك سلوك أهل الجنة , وينأى بنفسه عن سلوك أصحاب النار.

والموقف السليم الذي يفرضه منطق الإيمان , ولا يرفضه منطق العقل: أن نقول في كل ما أثبته الدين من الغيبيات: آمَنَّا وَصَدَّقْنَا , كما نقول في كل ما جاءنا به من التعبديات: سَمِعْنَا وَأطَعْنَا.

أجل , نؤمن بما جاء به النص , ولا نسأل عن كنهه وكيفه , ولا نبحث عن تفصيله , فإن عقولنا كثيرًا ما تعجز عن الإحاطة بهذه الأمور الغيبية , فإن الله تعالى الذي خلق الإنسان لم يؤهله لمثل هذا الإدراك , لأنه لا يحتاج إليه للقيام بمهمته في الخلافة في الأرض.

ولو أن المدرسة العقلية الكلامية التي يمثلها المعتزلة , وفقت إلى إدراك هذه الحقيقة , والتسليم بها , وما كانوا بحاجة إلى إنكار الأحاديث الصحاح التي أثبتت رؤية

اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست