responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 157
روى البخاري عَنْ عَدِيٍّ بْنِ حَاتِمٍ قال: لما نزلت هذه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ... } [البقرة: 187] عمدت إلى عقالين: أحدهما أسود , والآخر أبيض , قال: فجعلتهما تحت وسادتي , قال فجعلت أنظر إليهما , فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت , فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبرته بالذي صنعت , فقال: «إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ [أَنْ كَانَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ]».

ومعنى (إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ) أي إن كان ليسع الخيطين: الأسود , والأبيض , المرادين من الآية تحته , فإنهما بياض النهار وسواد الليل , فيقتضي أن يكون بعرض المشرق والمغرب ([109])!

ومثل ذلك قوله تعالى في الحديث القدسي المعروف: «وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» [110].

فقد شغب المعتزلة على أهل الحديث بروايتهم مثل هذا النص , وعزوهم ذلك إلى الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - , وهو يوهم تشبيهه تعالى بخلقه في القرب المادي والمشي والهرولة , وهذا لا يليق بكمال الألوهية.

وقد رد على هؤلاء الإمام ابن قتيبة في كتابه:" تأويل مختلف الحديث " بقوله: «إِنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: مَنْ أَتَانِي مُسْرِعًا بِالطَّاعَةِ، أَتَيْتُهُ بِالثَّوَابِ أَسْرَعَ مِنْ إِتْيَانِهِ، فَكَنَّى عَنْ ذَلِكَ بِالمَشْيِ وَبِالهَرْوَلَةِ».

ومثل ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحج: 51]. قال: «وَالسَّعْيُ: الإِسْرَاعُ فِي المَشْيِ، وَلَيْسَ يُرَادُ أَنَّهُمْ مَشَوْا دَائِمًا، وَإِنَّمَا يُرَادُ: أَنَّهُمْ أَسْرَعُوا بِنِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ» [111].

[109] انظر " تفسير ابن كثير ": جـ 1/ 221.
[110] متفق عليه، انظر " اللؤلؤ والمرجان "، حديث (1721، 1746).
(111) " تأويل مختلف الحديث "، ط. دار الجيل، بيروت: ص 224.
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست