responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 143
نظر إلى من يأكل بالملعقة نظرة اشمئزاز , وإنكار, لأنه في رأيه مخالف للسنة متشبه بالكفار!
والحق أن روح السنة الذي يؤخذ من هذه الأحاديث هو تواضعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وتقديره لنعمة الله تعالى في الطعام , والحرص على ألا يضيع منه شيء هدرًا بغير منفعة , كبقايا الطعام التي تترك في القصعة أو اللقم التي تسقط من بعض الناس , فيستكبر عن التقاطها , إِظْهَارًا لِلْغِنَى وَالسَّعَةِ , وَبُعْدًا عن مشابهة أهل الفقر والعوز , الذين يحرصون على الشيء الصغير , ولو كان لقمة من خبز.

ولكن الرسول الكريم يعتبر اللقمة إذا تركت إنما تترك للشيطان.

إنها تربية نفسية , وأخلاقية , واقتصادية , في الوقت نفسه , لو عمل بها المسلمون ما رأينا الفضلات التي تلقى كل يوم ـ بل كل وجبة ـ في سلة المهملات , وأوعية القمامة , ولو حسبت على مستوى الأمة المسلمة لقدرت قيمتها الاقتصادية كل يوم بالملايين , فكيف بها في شهر أو سنة كاملة؟.

هذه هي الروح الكامنة وراء هذه الأحاديث , ورب أمرىء يجلس على الأرض ويأكل بأصابعه , ويلعقها ـ اتباعًا للفظ السنة ـ ولكنه بعيد عن خلق التواضع , وخلق الشكر , وخلق الاقتصاد في استخدام النعمة , التي هي الغاية المرتجاة من وراء هذا الآداب.

ومن عجيب ما سمعته ما ذكره لي بعض العلماء: أنه زار بعض البلاد في آسيا الإسلامية , فوجد في دورات المياه عندهم أحجار صغيرة مكدسة في جوانبها , فسألهم عن سرها , فقالوا: إننا نستجمر ـ نستنجى ـ بها , إحياء للسنة!
وكان على هؤلاء أن يفرشوا مساجدهم بالحصباء اتباعا للسنة , وأن يدعوها بلا أبواب محكمة , تغدو الكلاب فيها وتروح , اتباعًا للسنة , وأن يسقفوها بجريد النخل , ويضيئوها بمصابيح الزيت اتباعًا للسنة!
ولكن مساجدهم مزخرفة , مفروشة بالسجاجيد , مضاءة بثريات الكهرباء!

اسم الکتاب : كيف نتعامل مع السنة النبوية معالم وضوابط - ط الوفاء المؤلف : القرضاوي، يوسف    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست